web analytics
spot_img

ذات صلة

تصاعد أحداث السويداء وتحذيرات قسد: خطر انفجار داخلي يهدد سوريا متعددة الهويات

في ظل التصعيد المتسارع لأحداث السويداء، أطلق مجلس سوريا الديمقراطية (قسد) تحذيراً شديد اللهجة من تداعيات ما وصفه بـ”الانفجار الداخلي” الذي يهدد سوريا، في حال استمرار التدهور الأمني والسياسي، مؤكداً أن ما يجري ليس مجرد اضطرابات محلية، بل انعكاس لانهيار بنيوي أصاب الدولة السورية نتيجة عقود من الإقصاء والاستبداد.
ويأتي هذا الموقف من قسد في سياق تأكيدها المتجدد على ضرورة حل سياسي شامل وبناء دولة ديمقراطية لا مركزية تضمن تمثيل جميع المكونات.

قسد:

وهي الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أكدت في بيان صدر يوم الثلاثاء أن الوضع في السويداء يفتح الباب أمام أزمات أكثر عمقاً ما لم يتم التعامل معه برؤية سياسية شاملة تعتمد العدالة الانتقالية وبناء دولة ديمقراطية لا مركزية تعددية تحترم التنوع السوري.

السويداء… اختناق أهلي وانكشاف سياسي

السويداء، المحافظة ذات الأغلبية الدرزية التي طالما ظلت على هامش الصراع العسكري المباشر في سوريا، تشهد منذ فترة توتراً أمنياً متصاعداً نتيجة الانفلات، وتراكم الغضب الشعبي من تردي الأوضاع المعيشية، وغياب الأفق السياسي، وتغلغل شبكات الفساد.
قسد رأت في هذه الأحداث نموذجاً مصغراً لحالة التآكل الوطني العام، مؤكدة أن ما يحدث هناك “تجسيد مباشر لحالة الانهيار العام التي تضرب البنية السياسية والمؤسساتية في البلاد”، مشددة على أن ما وصفته بـ“خطاب الكراهية والتحريض الطائفي” يزيد الطين بلة، ويهدد بنسف ما تبقى من السلم الأهلي.

أحداث السويداء ترافقت بتجييش طائفي ممنهج، وقفت الحكومة تجاهه موقف المتفرج عديم الحيلة، دون تجريمه أو حتى الرد عليه إعلاميا وبخطوات منهجية لحماية السلم الأهلي.

قسد ومشروع الدولة الديمقراطية

لم يكن موقف قسد مفاجئاً؛ فهي منذ تأسيسها تطرح مشروعاً بديلاً قائماً على اللامركزية والعدالة الاجتماعية وتكريس التعددية، وترى أن الحل السياسي الجذري يمر عبر تفكيك بنية الدولة الاستبدادية المركزية التي كرّسها نظام بشار الأسد لعقود.

لقد خاضت قسد، عبر قواتها العسكرية، معارك ضارية ضد تنظيم داعش، وكانت رأس الحربة في القضاء على آخر معاقل التنظيم في الباغوز عام 2019. هذه المقاومة لم تكن عسكرية فقط، بل تمثلت أيضاً في إعادة تنظيم المجتمع المحلي في مناطق الإدارة الذاتية، واعتماد نظام سياسي يضمن تمثيل مختلف المكونات (كرد، عرب، سريان، آشوريين…) في هياكل الحكم.

قسد ومشروع الدولة الديمقراطية لم يكن موقف قسد مفاجئاً؛ فهي منذ تأسيسها تطرح مشروعاً بديلاً قائماً على اللامركزية والعدالة الاجتماعية وتكريس التعددية،

خطاب مسؤول… وتحذير من الفتنة

البيان أشار بوضوح إلى خطورة الانزلاق إلى صراع أهلي ذي طابع طائفي أو مناطقي أو عشائري، واصفاً ذلك بأنه تهديد وجودي “لكيان الدولة السورية ومجتمعها المتعدد”. كما دعا لوقف كل أشكال التحريض السياسي والإعلامي، مؤكداً أن “بناء الثقة الوطنية يبدأ من مسؤولية الكلمة والمنبر، واحترام التنوع والاختلاف”.

هذه اللغة تعكس التزام قسد بخطاب مدني عقلاني، رغم التحديات الجمة التي تواجهها داخلياً وخارجياً، سواء من قبل النظام أو المعارضة التقليدية أو بعض القوى الإقليمية التي لا تنظر بعين الرضا لمشروعها.

هل آن أوان مؤتمر وطني شامل؟

في ختام بيانها، دعت قسد إلى “مؤتمر وطني جامع” يضم كل القوى الوطنية السورية لصياغة مشروع سياسي جديد، بعيداً عن لغة التخوين أو الإقصاء، وعلى قاعدة العدالة الانتقالية، وطيّ صفحة الاستبداد والهيمنة المركزية.

إن هذا الطرح، وإن لم يكن جديداً، يعكس إصرار قسد على أن الأزمة السورية لا يمكن حلها إلا من خلال مسار وطني شامل، لا يستثني أحداً، ولا يُقصي أي مكوّن، ويضع حداً لتاريخ طويل من التهميش الذي فجّر كل ما نراه اليوم في السويداء وغيرها.

نحو مشروع وطني جامع برؤية قسد

لم يكن بيان قسد مجرد رد فعل على ما يحدث في السويداء، بل محاولة جادة لتقديم بديل سياسي قابل للحياة، ينقذ ما تبقى من البلاد من الانهيار التام. فمشروع قسد يقوم على أساس نظام لا مركزي ديمقراطي، يضمن لكل مكوّن من مكونات الشعب السوري حقه في التمثيل وصياغة القرار، بعيدًا عن المركزية الشديدة التي لطالما عمّقت التهميش وأشعلت الأزمات.

وفي ظل غياب أي مبادرة جدية من النظام أو المعارضة التقليدية، تبقى دعوة قسد لعقد مؤتمر وطني شامل بمثابة فرصة أخيرة لتأسيس تعاقد اجتماعي جديد، يعترف بالتنوع السوري ويعالج جذور الصراع لا أعراضه.

لكن نجاح هذا المشروع مرهون بإرادة سياسية حقيقية لدى جميع الأطراف، واستعدادها لتقديم تنازلات تاريخية، أولها وأهمها التخلي عن عقلية الهيمنة، والاعتراف المتبادل، وتفكيك أدوات القمع والتجييش الطائفي والمناطقي.

إن ما تحذّر منه قسد ليس مجرد احتمالات نظرية، بل سيناريو واقعي بدأت ملامحه تتضح في الجنوب، وقد يمتد إلى الشمال والشرق إن لم تُبادر القوى الوطنية إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر مشروع جامع يعيد تعريف الدولة السورية، لا إعادة تدوير سلطاتها فقط.

https://www.facebook.com/SyriaNahda

https://x.com/Syria_Nahda

المصادر:

  1. مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من انفجار داخلي – الشرق

  2. قسد ودورها في هزيمة داعش – رويترز

  3. أحداث السويداء تكشف عمق الأزمة السورية – فرانس 24

متوسط التقييم
لا يوجد تقييم بعد
spot_imgspot_img