فلاديمير بوتين يفجّرها: لن تُحسب روسيا إلا عندما نخيفهم من جديد
في تصريحات تحمل نبرة تحدٍّ وإصرار على استعادة الدور الجيوسياسي لبلاده،
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الغرب سعى، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، إلى تحقيق مكاسب جيوسياسية على حساب روسيا، متجاهلًا مصالحها ورؤيتها للعالم.
جاء ذلك في تصريحات أُخذت من جزء غير منشور من مقابلة موسعة ظهرت ضمن الفيلم الوثائقي “روسيا.. الكرملين.. بوتين.. 25 عاماً”، الذي يُوثّق حقبة بوتين الممتدة في الحكم، ويعرض مراحل مفصلية في علاقة روسيا بالغرب منذ التسعينيات وحتى اليوم.
الغرب أراد فرض قواعده
بحسب ما نقلته وكالة تاس الروسية، أوضح بوتين أن الغرب، بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، تبنّى سلوكًا قائمًا على فرض قواعده الخاصة على العالم بأسره، دون أي اعتبار لمصالح روسيا أو دورها السابق كقوة عظمى.
قال فلاديمير بوتين حرفيًا:
“لقد قرر الغرب العيش وفق قواعده الخاصة، متجاهلًا ما يهم روسيا. اعتقدوا أنه ما دامت روسيا ضعيفة، فهم ليسوا ملزمين بأي شيء تجاهها”.
في رأيه، فإن تفكك الاتحاد السوفييتي لم يكن فرصة للتكامل مع الغرب كما تخيل البعض، بل فتح المجال أمام “مشروع غربي للهيمنة”، حيث تم التعامل مع روسيا على أنها دولة مهزومة يجب احتواؤها وليس شريكًا حقيقيًا.
خيبة الأمل الروسية من الغرب
يبدو أن بوتين يُعيد صياغة سردية سياسية تقول إن بلاده منحت الغرب فرصة لعلاقة متوازنة، لكنه ردّ بتوسيع الناتو وتجاهل مصالح موسكو. هذه الرؤية ليست جديدة، لكنها أصبحت أكثر وضوحًا في خطاباته الأخيرة.
وفق تحليل لـ BBC News، فإن فلاديمير بوتين يرى أن السياسات الغربية تجاه أوكرانيا، والناتو، والعقوبات الاقتصادية، ليست فقط تحديات سياسية، بل تهديد مباشر لهوية روسيا ومكانتها التاريخية.
وقد استخدم بوتين هذا الموقف ليبرر السياسات الدفاعية، والتدخل في دول الجوار، وحتى التعديلات الدستورية التي سمحت له بالبقاء في الحكم لعقود.
“لن يُحسب لنا حساب إلا إذا استعدنا السيادة”
أكد فلاديمير بوتين في التصريحات نفسها، أن روسيا لن تُؤخذ على محمل الجد دوليًا إلا إذا ثبتت للعالم أنها دولة ذات سيادة قادرة على الدفاع عن نفسها ومصالحها في أي سياق جيوسياسي.
قال:
“أصبح من الجلي أن روسيا لن تُحترم أو تُؤخذ بالحسبان ما لم تُظهر أنها قادرة على حماية مستقبلها وموقعها”.
هذه التصريحات تتقاطع مع مواقفه المتكررة في ملفات أوكرانيا وسوريا وبلدان آسيا الوسطى، والتي يسعى فيها إلى تثبيت مفهوم “روسيا العظمى”، ورفض النموذج الغربي في العلاقات الدولية.
أصداء دولية ومخاوف متزايدة
التصريحات الجديدة لبوتين أعادت تسليط الضوء على مدى عمق الخلاف بين روسيا والغرب، خاصةً في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، والتوتر المتصاعد مع حلف الناتو.
ووفق تقرير لـ The Guardian, يرى مراقبون أن بوتين يسعى إلى بناء سردية تاريخية طويلة المدى تُبرر توجهاته داخليًا وخارجيًا، وتُعدّ الأرضية الأيديولوجية لأية تحركات قادمة في الساحة الدولية.
تصريحات فلاديمير بوتين الأخيرة ليست مجرد مراجعة للتاريخ، بل رسالة واضحة: روسيا ترى نفسها مخدوعة من الغرب، ومصممة على ألا يتكرر ذلك.
في هذا السياق، تُطرح أسئلة حقيقية: هل نحن أمام مرحلة جديدة من الصراع الجيوسياسي الصريح بين روسيا والغرب؟ أم أن العالم يتجه نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب تُعيد فيه موسكو رسم قواعد اللعبة؟