web analytics
spot_img

ذات صلة

5 أسباب تمنع آبل من مغادرة الصين رغم تصاعد التوترات السياسية

وسط التوترات المتصاعدة بين واشنطن وبكين، تتعالى الأصوات داخل الولايات المتحدة المطالبة بفك ارتباط الشركات الأميركية الكبرى مع الصين، وعلى رأسها شركة آبل. لكن رغم كل التصريحات السياسية، والتحذيرات التجارية، تواصل آبل العمل بكثافة في الصين، دون أن تُظهر مؤشرات جادة على نيتها نقل عملياتها بالكامل إلى دول أخرى.

نستعرض  5 أسباب تمنع آبل من مغادرة الصين وتجعل خروجها ليس مجرد قرار صعب، بل تحديًا وجوديًا قد يُهدد بنية الشركة الصناعية والمالية.

1. بنية تحتية صناعية متكاملة يصعب استنساخها

خلال العقود الثلاثة الماضية، تحولت الصين إلى “ورشة العالم”، لكنها لم تكتفِ بتوفير الأيدي العاملة الرخيصة. بل بنت حول ذلك منظومة إنتاج شديدة التكامل والكفاءة، تلائم متطلبات شركات التكنولوجيا العملاقة.
آبل، التي تعتمد على شركاء مثل Foxconn وPegatron، لا تحصل فقط على التصنيع، بل على سلسلة إمداد منظمة تشمل قطع الغيار، ومصانع التجميع، وعمليات الفحص الدقيقة، والتوزيع العالمي، وكل ذلك ضمن نطاق جغرافي ضيق.

وفق تقرير نشرته بلومبرغ، فإن أي محاولة لمغادرة هذا النظام المعقّد تعني إعادة بناء كل شيء من الصفر في دولة أخرى، وهو أمر لا توفره أي دولة حالياً بنفس الكفاءة.

2. نقل المعرفة إلى الصين خلق علاقة عميقة لا يمكن تفكيكها بسهولة

منذ بدايات التصنيع في الصين، أرسلت آبل آلاف المهندسين من كاليفورنيا للإشراف على تدريب فرق محلية داخل المصانع الصينية. ولم يكن هذا مجرّد تدريب فني، بل عملية نقل عميقة للمعرفة والتقنيات وطرق التصنيع الدقيقة.

كما يشير الصحفي باتريك ماكجي في كتابه Apple in China، فإن آبل اختارت أن تلعب دور “بروميثيوس”، الذي منح الصينيين نار التكنولوجيا الحديثة. وبمرور السنوات، أصبحت الصين لا تقدم فقط العمالة، بل الشراكة التقنية والإنتاجية، وهذا ما جعل العلاقة أكثر من مجرد عقد تصنيع.

3. البدائل الحالية مثل الهند وفيتنام لا تستطيع ملء الفراغ

صحيح أن آبل بدأت بتنويع عملياتها من خلال نقل بعض خطوط الإنتاج إلى الهند وفيتنام، لكن الواقع يؤكد أن هذه الدول ما زالت غير قادرة على تعويض الصين بالكامل.
الهند، مثلاً، تواجه مشكلات لوجستية وتشريعية، إلى جانب نقص في المهارات الصناعية المتخصصة، كما أن وتيرة التصنيع فيها لا تزال أبطأ بكثير من الصين.

تقرير لـ CNBC يشير إلى أن آبل لا تزال تعتمد بنسبة تتجاوز 85% على الصين في إنتاج آيفون، رغم المشاريع الجديدة في جنوب آسيا.

4. الصين ليست مصنعاً فقط… بل سوقاً ضخمة لمنتجات آبل

ما لا يمكن تجاهله أن الصين تمثل ثاني أكبر سوق لآبل عالميًا بعد الولايات المتحدة، وهو ما يجعل أي خطوة عدائية أو انسحاب مفاجئ من هذا البلد محفوفة بمخاطر تجارية جسيمة.
فانهيار العلاقات قد يُعرّض آبل لخسائر في المبيعات، وربما لقيود حكومية في السوق الصيني، وهي احتمالات كافية لجعل أي قرار “تخارج صناعي” محل مراجعة دقيقة.

كما أن الشراكة مع الصين وفرت لآبل امتيازات لم تكن لتحصل عليها في أي مكان آخر، من حيث سرعة بناء خطوط الإنتاج واستجابة السوق.

5. التوترات السياسية لا تعني نهاية العلاقة التجارية

رغم التراشق السياسي بين واشنطن وبكين، لم تقدم آبل حتى الآن على خطوات حقيقية لفك الارتباط مع الصين. كل ما حدث هو محاولة “تنويع” مصادر الإنتاج، وليس إنهاء العلاقة.
والسبب بسيط: فك الارتباط التام يعني صدمة تشغيلية وتجارية غير محسوبة.

إن استمرار الاعتماد على الصين لا يُترجم إلى موقف سياسي، بل إلى معادلة اقتصادية وتجارية معقّدة تحكمها الكفاءة والمخاطر والتكلفة.

شركة آبل لا تزال رهينة ارتباط استراتيجي بالصين، ليس من السهل كسره. خمسة أسباب رئيسية تتداخل فيها التكنولوجيا والسياسة والتجارة تجعل مغادرة الصين مشروعًا مؤجلًا إلى أجل غير مسمّى. وفي ظل غياب بديل حقيقي، ستبقى الصين قلب عمليات آبل، مهما اشتدت العواصف السياسية.

متوسط التقييم
لا يوجد تقييم بعد
spot_imgspot_img