القسم الثالث عشر – الباب الأول
الباب الأول السياسة الدستورية والسياسية
ترسيخ شرعية الدولة السيادية
مقدمة
ليست الدولة السيادية مجرد سلطة تحكم، بل هي أولًا كيان دستوري حي، يعبّر عن إرادة جماعية ويؤسس لحكمٍ لا يستمد مشروعيته من القهر، بل من القواعد، ولا من السلاح، بل من النصوص التي تُقرّها الإرادة الحرة وتُنفّذها المؤسسات الشرعية.
إن السياسة الدستورية هي الركن الأول في بناء الدولة النهضوية، لأنها التي تحدد الشكل القانوني للعقد الاجتماعي، وتُترجم المبادئ الكبرى إلى قواعد ملزمة. لكنها لا تكتمل إلا إذا اقترنت بسياسات تشريعية، وقضائية، وانتقالية، تُحوّل النصوص إلى منظومات حكم فعلي، وتمنع اختطاف الدولة مجددًا باسم الشرعية أو الطوارئ.
في هذا الباب، سنقوم بتفكيك كل من:
السياسة الدستورية بوصفها لحظة الترسيم السيادي لشكل الدولة وحقوق الناس.
السياسة التشريعية بوصفها الانتقال من الصياغة المجردة إلى التشريع المؤسسي العادل.
السياسة القضائية بوصفها معيارًا حقيقيًا للاستقلال والعدالة.
السياسة الانتقالية بوصفها الضمان لعدم انهيار المؤسسات الجديدة في لحظة التحول.
السياسة المرحلية للمناطق الخارجة عن السيطرة بوصفها اختبارًا للقدرة السيادية على الدمج دون قسر.
بهذا المعنى، فإن هذا الباب لا يؤسس فقط لبنية الحكم، بل يؤسس لمصداقية الدولة القادمة، التي لا تبني شرعيتها على موازين القوة، بل على القانون العادل، والدستور الجامع، والحوكمة الراشدة.