القسم الثالث عشر – الباب الأول
خاتمة الباب الأول
السياسة الدستورية والسياسية – نحو شرعية سيادية لا تُختطف
في هذا الباب التأسيسي، لم نكن أمام نقاش قانوني بارد، بل أمام عمق معركة السيادة ذاتها. فليس الدستور ورقة، ولا القانون صياغة، ولا القضاء مؤسسة، ولا المرحلة الانتقالية زمناً فارغاً.
بل كلها حلقات في سلسلة بناء الشرعية الجديدة، تلك الشرعية التي لا تُستمد من الغلبة، ولا تُفصَّل على مقاس الحاكم، ولا تُمنَح كمكرمة، بل تُنتزع من رماد الانهيار، وتُصاغ بإرادة أمة قررت أن تعود.
لقد سقط في سوريا نظامٌ لم يكن يستند إلى شرعية حقيقية، بل إلى استثناء دائم. وكانت نتيجته أن الدولة نفسها تفككت، والمجتمع انهار، والسلطات الثلاث ذابت في قبضة واحدة تُدير البلاد بمنطق الطوارئ، والشك، والبطش.
جاء هذا الباب ليُعيد تعريف معاني الدستور، والتشريع، والقضاء، والانتقال، بل والسيطرة ذاتها، باعتبارها أدوات تأسيسية للدولة السيادية العادلة، لا مجرد هياكل ورقية.
وبهذا المعنى، لا يُمكن لأي إصلاح اقتصادي، أو إنماء مجتمعي، أو حراك دبلوماسي، أن يكون ذا معنى أو جدوى، إن لم يقم على هذا الأساس:
أن تكون السيادة نابعة من القانون، وأن يكون القانون ملكًا للأمة لا للسلطة، وأن يكون القضاء حارسًا للحق، لا خادمًا للأمر.
هكذا فقط تصبح السياسة الدستورية فعلًا سياديًا، وتصبح الدولة ممكنة من جديد.