القسم الرابع عشر – الباب الثالث

الباب الثالث أدوات التعديل والتطوير

مقدمة
كل مشروع مهما بلغت صلابته، يبقى عرضة للجمود إن لم يمتلك أدوات ديناميكية تُمكّنه من تعديل مساره، وتطوير أدواته، وتحديث بنيته بما يتوافق مع تغيّر المعطيات وتعاقب المراحل. فالثبات هنا لا يُعتبر دليلًا على الاتزان، بل قد يتحوّل إلى مأزق، وإلى صورة جديدة من التسلط المغلّف بالاستقرار.

ولهذا، يتناول هذا الباب المسألة التحديثية بوصفها ضرورة بنيوية. إنه لا يكتفي بمراقبة الفعل، بل يُقدّم آليات تعديل مستدام، تحمي المشروع من الانغلاق على ذاته، وتضمن له التطور ككائن حي، لا كنموذج مغلق.

وهو لا يربط التعديل بالأزمات، بل يسبقه بخطوات، فيتحول إلى تعديل وقائي لا اضطراري، وتطوير مخطّط لا ارتجالي.

وفي قلب هذا الباب، يُعاد الاعتبار للدستور بوصفه نصًا حيًا، للمؤسسات بوصفها قابلة لإعادة الهيكلة، وللسياسات بوصفها أدوات خاضعة للمراجعة، لا عقائد جامدة. وهكذا، يتحول المشروع من لحظة تاريخية إلى مسار دائم، قادر على الاستمرار لا بالقوة، بل بالمرونة الواعية والقدرة على تصحيح الذات.