القسم الرابع – الباب الثالث
خاتمة القسم الرابع
من الانقسام الرمزي إلى التأسيس القيمي – نحو استعادة المعنى المشترك
في المجتمعات التي دمّرها الاستبداد، لا يُختطف الحاضر فقط، بل يُغتال المعنى، وتُفخّخ الرموز، وتُفرّغ القيم من محتواها.
وهكذا كان حال سوريا:
دولةٌ اختزلت الوطنية في الولاء للحاكم،
وثقافةٌ صيغت بأدوات التلقين والتخويف،
ومجتمعٌ تمزّق بين روايات متضادة، وأحقاد متبادلة، وخطابات خالية من لغة التفاهم أو الاحترام.
إن ما حاول هذا القسم الرابع معالجته، لم يكن مسألة ثقافية أو سلوكية منفصلة، بل جذرًا وجوديًا من جذور الانهيار، ومحورًا مركزيًا في إعادة بناء الدولة والمجتمع.
لقد انطلقنا من تفكيك:
- كيف تم تدمير الهوية الوطنية،
- وتشويه مفهوم المواطنة،
- وتطييف الدين،
- وتسليع الإعلام،
- وتدمير التربية،
- وإفراغ الأخلاق من معناها.
ثم حاولنا، عبر الفصول المتتابعة، أن نؤسس لـ:
- وعي مدني جديد،
- عقد قيمي يضبط العيش المشترك،
- ذاكرة وطنية لا تقصي أحدًا،
- رمزية أخلاقية تمثّل الجميع،
- ومواطنة إنتاجية تحرّر الإنسان من التبعية.
فالثقافة، في مشروع النهضة، ليست وظيفة تزيينية،
ولا حيّزًا نخبويًا،
بل حقلًا تأسيسيًا لإنتاج الإنسان السيادي، وبناء دولة ذات سيادة معرفية، رمزية، أخلاقية، كما هي سياسية ومؤسساتية.
وإذا كانت الأقسام السابقة قد مهّدت للفكر، وبنت الركائز السيادية،
فإن هذا القسم أتى ليقول:
لا نهوض بلا وعي،
ولا وعي بلا مرجعية أخلاقية،
ولا مرجعية بلا اعتراف متبادل يعيد بناء الثقة، ويمنح السوريين لغة جامعة بعد طول التذرر والانقسام.