الساحل يختنق والنار تقترب من الحدود: حرائق الساحل السوري تفرض الطوارئ – 12 يوليو
في مشهد مروّع يختلط فيه لهيب النار بصوت الريح وصفارات الإطفاء، تعيش مناطق الساحل السوري حالة طوارئ بيئية وإنسانية متصاعدة، بعد أن اجتاحت الحرائق غابات ريف اللاذقية واقتربت من المناطق الحدودية مع تركيا، ما أدى إلى إغلاق معبر كسب الحدودي مؤقتاً، وفقاً لما أعلنته السلطات السورية.
بحسب مازن علوش، مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية، فإن قرار إغلاق المعبر جاء بعد اقتراب ألسنة اللهب من المنطقة الحدودية نتيجة الحرائق الكبيرة المندلعة في جبال الساحل. وقد نشر في منصة X (تويتر سابقاً) أن الإغلاق تم من الجانب التركي حرصاً على سلامة المسافرين وحركة العبور.
حرائق الساحل السوري تفرض الطوارئ وإغلاق معبر كسب مع تركيا
جبهات النار تخرج عن السيطرة
تتوزع فرق الدفاع المدني وأفواج الإطفاء السورية على ثلاثة محاور رئيسية في محاولة لاحتواء الحرائق:
-
برج زاهية
-
غابات الفرنلق
-
نبع المر قرب مدينة كسب
لكن المهمة أشبه بالمستحيلة، إذ تعيق التضاريس الوعرة وكثافة الغابات والألغام المنتشرة حركة الفرق، إضافة إلى قوة الرياح التي تسهم في تجدد انتشار النيران رغم الجهود الكبيرة.
وذكر الدفاع المدني السوري عبر صفحته على فيسبوك أن الحرائق تخترق خطوط القطع الناري بسهولة بسبب الرياح، وأن الشرر ينتقل لمناطق بعيدة مما يصعّب مهمة السيطرة على الجبهات. يُذكر أن منطقة نبع المر تُعد واحدة من أصعب المحاور، حيث اشتدت فيها الحرائق رغم جهود الإخماد المتكررة.
تعاون إقليمي واسع
في ظل تصاعد الكارثة، شهدت المنطقة تنسيقاً إقليمياً لمكافحة النيران، حيث أعلنت سوريا عن مشاركة فرق إطفاء من تركيا والأردن، إلى جانب فرقها الوطنية. وتشارك 16 طائرة من سوريا وتركيا والأردن ولبنان في عمليات الإخماد الجوي، ضمن تنسيق مشترك على مستوى الطيران والدعم البري.
كما يشارك في عمليات الإخماد أكثر من 150 فريقاً ميدانياً، مدعومين بـ 300 لية إطفاء، وعشرات من معدات الدعم الهندسي واللوجيستي، في محاولة لتقسيم الغابات إلى قطاعات والوصول إلى نقاط الاشتعال الرئيسية.
تهديد بيئي وإنساني مزدوج
حرائق غابات الساحل لم تعد مجرد كارثة طبيعية، بل تهديد مباشر لحياة المدنيين ولبنية الغطاء النباتي، الذي يُعد من الرئات الطبيعية النادرة في سوريا. ويفرض الاقتراب الخطير من الحدود مخاوف إنسانية مضاعفة، حيث يعاني المسافرون، والعائلات النازحة من قيود إضافية، وسط إغلاق المعبر وشح الموارد.
كما تُهدد هذه الحرائق أيضًا التنوع البيئي في غابات الفرنلق، المعروفة بتنوعها النباتي والحيواني، ما يجعل الخسائر غير قابلة للتعويض. وكانت منظمات محلية قد نادت بضرورة تفعيل خطط استجابة بيئية عاجلة تشمل إعادة التحريج وتقييم الأضرار بعد السيطرة على الحرائق.
روابط إضافية لمتابعة الوضع:
ما يحدث اليوم من حرائق الساحل السوري يتجاوز أزمة موسمية، ليمثّل تحذيراً حقيقياً من تغيّر المناخ، والإهمال طويل الأمد للبنية البيئية، وغياب خطط الطوارئ المستدامة. وفي الوقت الذي تنهمك فيه فرق الإطفاء في معركة مع الطبيعة، تبقى الأسئلة الكبرى: من يحمي ما تبقى من غابات سوريا؟ ومن يعيد الأمن البيئي لشريانها الأخضر المنهك؟