5 رسائل من “الهجري” ترفض وقف إطلاق النار في السويداء… فهل يتحوّل الاعتداء إلى شرارة جديدة؟
في وسط محاولات لإنهاء المواجهات الدامية في محافظة السويداء، برز موقف لافت من الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، الذي رفض بشدّة اتفاق وقف إطلاق النار المعلن، مفسّراً موقفه بـخمسة رسائل تحمل رمزية وعمقًا استراتيجيًا.
1. قضية الوطنية والدفاع المشروع
أكد في خطابه أن القتال ضد ما وصفه بـ”العصابات” ليس خيارًا سياسيًا أو رد فعل انفعالي، بل هو واجب وطني وأخلاقي، يُلزم كل من ينتمي لمحافظة السويداء بالدفاع عن أرضه وكرامته. هذا الخطاب يعكس رؤية دينية–وطنية ترى في المقاومة أداة لحماية الأرض لا للمزايدة، ويضع أبناء المحافظة أمام مسؤولية جماعية وليس فقط فردية، مظهرًا التضامن كقيمة تتجاوز الانقسام السياسي.
2. رفض الاعتراف بشرعية الطرف الآخر
لم يكتفِ برفض التفاوض مع الحكومة أو الفصائل الموالية لها، بل وصفها صراحةً بـ”العصابات”، ما يعني نزع الشرعية بالكامل عن أي جهة تتفاوض باسم الدولة المركزية. كما حذّر من أن أي شخص يُبادر منفردًا بالتفاوض سيُعد خارجًا عن الصف، ومعرّضًا للمحاسبة، وهو موقف تصعيدي يمنع أي محاولة لـ”تجزئة القرار الدرزي” سياسيًا.
3. الحفاظ على قيم الشرف والضمان الاجتماعي
في دعوته لتسليم السلاح، ركّز الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز على مبدأ الحماية والضمان الاجتماعي، قائلاً إن من يُسلّم سلاحه “فهو في عهدتنا”، ولن يُهان أو يُساء إليه. هذه الرسالة ترسّخ مبدأ “المجتمع العادل”، وتعكس ثقافة درزية متجذرة تقوم على الثقة بين الفرد وزعامته، وتعطي بعدًا أخلاقيًا للنزاع، وتُعيد تعريف “النصر” بأنه لا يتحقق عبر الإذلال بل عبر الارتقاء بالقيم.
4. تحذير من الانفراد بالقرار
وجّه رسالة واضحة لكل من يحاول تجاوز الإجماع المجتمعي الدرزي أو يفاوض من خلف ظهر الزعامة، مؤكدًا أن “أي طرف يخرج عن هذا الموقف سيُحاسب قانونيًا واجتماعيًا”. هذه العبارة تضع خطًا أحمر واضحًا داخل المجتمع الدرزي وتمنع تحوّله إلى فسيفساء مواقف متناقضة. إنها دعوة للحفاظ على الصف الواحد تحت قيادة مركزية واضحة.
5. رد ضمني على الشيخ يوسف جربوع
دون أن يُسمّيه، تضمّنت رسائله نقدًا مباشرًا لمبادرة الشيخ جربوع الذي وقّع على اتفاق وقف إطلاق النار. فهو يرى أن من يُمثّل الطائفة لا يجب أن يتصرّف دون توافق، وهو ما يفسر عبارته القوية: “لا تفاوض ولا تفويض”، ويُظهر قلقه من محاولات احتكار السلطة الروحية أو التحدث باسم الجميع دون إجماع. بهذا، هو لا يرفض الحل السلمي، بل يرفض “المسار الفردي غير المتفق عليه”.
خلفية الصراع وجوهر الخطاب
تأتي كلماته في سياق اشتباكات عنيفة بين مقاتلي دروز وقوات حكومية، خلفت مئات القتلى، بعد اتفاق مؤقت لوقف النار مُدار من الشيخ جربوع وسط دعم حكومي. بينما دعم جربوع الاتفاق ومتزامنًا اتهمه الهجري بأنه يحاول احتكار الشرعية الروحية للضغط لإجباره على تسليم السلاح
ووفق رويترز، فإن قوات الحكومة تدخلت دعماً لثكنات الجيش بينما هجم زعيم طائفة الموحدون الدروز على ما وصفها بـ”العصابات” التي لا تفاوض معها وأشار إلى رفض أي تسوية “بغير القوة الكاملة” .
تداعيات خطابه على المشهد المحلّي والإقليمي
-
المشهد الداخلي: يعزز الخطاب دوره كمرجعية مقاومة شعبية، ممثلاً إرادة درزية ترفض التفريط.
-
الفرقة الطائفية: الانقسام بين الزعماء الدروز (جربوع والهجري) يهدد بتعمق الانقسام الاجتماعي.
-
الاحتجاج الميداني: رسائله، خصوصًا دعوته لتسليح الشباب، قد تؤجج الوضع وتفجر مواجهات جديدة رغم الهدنة المعلنة.
-
الأثر الإقليمي: إسرائيل وأمريكا دعتا لتخفيف العنف، فيما تعلن الحكومة عن تفاوض جاد بقيادة جربوع، مما يُعيّن دور “الهجري” كقائد ردع شعبي يوازن الضغوط الحكومية.
يبرز الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري كممثل للموقف الدرزي الرافض لأي تسوية تجزئ أرض السويداء أو تضعف قدرة الطائفة على حماية نفسها. في صمته الداخلي، يهز الكيان الدرزي من الداخل، ويمثل تحدياً كبيراً لأي اتفاق تحت الضغط. كلها رسائل تعيد طرح سؤال: هل ستصمد الهدنة في وجه إصرار درزي يُصرّ على الحق بالدفاع؟ وهل يكشف الانقسام الدرزي عن هشاشة الشرعية الاجتماعية أمام قانون القبيلة والمقاومة؟

مصادر