web analytics
spot_img

ذات صلة

السويداء لا تناديكم، بل تفضحكم 17 يوليو 2025

السويداء لا تناديكم، بل تفضحكم!! السويداء تنزف… والعار يلاحقنا جميعًا


أن تسقط السويداء جريحة تحت ركام الموت، فلا يصرخ أحد…
أن تُنتزع الكرامة من أناس واجهوا العالم بصدورهم، فلا تتحرك الضمائر…
أن تُترك مدينة سورية منكوبة تواجه وحدها النهب والحصار والانهيار…
فهذه ليست جريمة السلطة فقط، بل عار يلحق بكل من غضّ الطرف، وسكت، وتعامى عن الحقيقة.
أين الشرف حين تُترك الجثث في الطرقات؟
أين الوطنية حين يُمنع الماء عن مدينة بأكملها؟
وأين النخوة حين تتحوّل المأساة إلى مادة شماتة ومزايدة على الوطنيات؟
أين ذلك الشرف الذي لا يظهر إلا في الحديث عن أجساد النساء؟!

ها هي السويداء تُغتصب كرامتها جهارًا، تُنتهك أمام أعين الجميع، تنزف وحدها… فأين غيرتكم الآن؟!
أم أن الشرف عندكم لا يُستثار إلا حين يكون الخصم امرأة، لا مدينة مكلومة؟

الخزي كل الخزي لكل من هلّل لما حدث، لكل من برّر الفعل البربري، ولكل من سكت عن الجريمة.
السويداء اليوم ليست طائفة ولا منطقة… إنها المرآة التي نرى فيها كم تكسّرت خريطتنا الأخلاقية.
السويداء ليست وحدها…
العار وحده هو الذي أصبح جماعيًا.

لكن ماذا يعني أن تُترك مدينة تنزف بهذا الشكل؟
يعني أننا فشلنا في اختبارنا كـ “وطن”.
يعني أن كل شعارات الثورة والدولة والتغيير والكرامة لم تصمد أمام أول امتحان حقيقي حين احتاجنا أهلنا في السويداء، لا بخطابات، بل بموقف.

أن تُنهب المدينة على أيدي من يُفترض أنهم شركاؤها في الساحة، ثم تُبرر الجريمة بحجج السياسة والدين، فذلك ليس انتصارًا، بل سقوط أخلاقي كامل.

أن يختبئ كثيرون خلف صمت “الحياد” تحت عنوان “ما منعرف شو صاير بالضبط”، بينما الجثث تُنقل على عربات الجر، والأهالي يفتّشون في الأزقة عن أبنائهم، فذلك تواطؤ. نعم، الصمت اليوم تواطؤ، والسكوت شراكة فعلية في القتل المعنوي لمدينة عريقة اسمها السويداء.

السويداء ليست مدينة ثائرة فقط، ولا منطقة درزية فحسب.
هي آخر مكان كان يرفض أن يتورط في السلاح، وآخر من بقي واقفًا يرفض التحزّب الدموي، وآخر من آمن أن الكرامة لا تُباع ولا تُشترى.
فلماذا هذا الاستهداف؟ ولماذا هذا الصمت؟

هل لأن السويداء رفضت أن تكون وقودًا لحروب الآخرين؟
هل لأنها أرادت أن تبقى سورية؟ أن تقول “لا” في وجه من أرادوا تفكيك كل شيء؟
هل لأنها لم تدخل في طابور الولاء الأعمى؟؟

هذا الألم لا يخص أهل الجبل وحدهم.
بل كل أم سورية تخاف أن تُسرق مدينتها ذات ليلة ولا يسمع بها أحد.
كل شاب حلم بوطن، ثم وجد مدنه تُحرق لأنهم طالبوا بالحرية والعدالة.
كل شخص لا يزال يعتقد أن الدم السوري واحد… وأن الخريطة ليست طوائف، بل وجوه غالية لن تتكرر.

ختامًا…
السويداء لا تطلب أكثر من الحق، ولا ترفع يدها إلا لتدفع عنها القتل.
فمن أراد أن يبرر الجريمة، فليعلم أنه يقطع خيطه الأخير مع الشرف.
ومن أراد أن يسكت، فليصمت مع الخزي إلى الأبد.
أما من لا يزال قلبه ينبض، فلا وقت للمراقبة من بعيد…
السويداء لا تناديكم، بل تفضحكم

ليس المطلوب من أحد أن يحمل بندقية ليدافع عن السويداء، بل أن يحمل ضميره.
ليس المطلوب أن نكون جميعًا من أهل الجبل، بل أن نكون من أهل العدل والوفاء.
فما حدث لم يكن اشتباكًا عابرًا، ولا اضطرابًا محليًا، بل جريمة موصوفة بكل المعايير، جريمة تستهدف الذاكرة والكرامة والنسيج.

من يتغاضى عن هذه الوحشية اليوم، سيتذوق طعمها غدًا في مدينته، لأن العنف حين يُكافأ بالصمت، يتحوّل إلى قاعدة.
ومن يُبرر الجريمة لأن الضحية لا تشبهه سياسيًا أو طائفيًا، فليتذكّر أنه أعطى الضوء الأخضر لقاتله المستقبلي.

السويداء لا تنتظر عطفًا، بل موقفًا واضحًا: هل نحن مع القيم التي ادّعيناها طوال 14 عامًا، أم كنا نرتديها فقط حين تخدمنا؟
هذه المدينة تمتحننا، تكشف هشاشتنا، وتكشف من فينا كان صادقًا في الحلم، ومن كان طارئًا على كل شيء.

فإن لم تكن السويداء “قضيتك” الآن… فلن يكون لك في هذا الوطن قضية.

السويداء لم تسقط… بل نحن من سقطنا حولها، بصمتنا، بتبريرنا، بخوفنا من قول الحقيقة. المدينة صامدة، لكن ضمير هذا الوطن هو الذي يترنّح على الحافة.

جمانة يوسف

السويداء لا تناديكم هي لم تسقط بل نحن من سقطنا حولها من يتغاضى عن هذه الوحشية اليوم، سيتذوق طعمها غدًا في مدينته لأن العنف حين يُكافأ بالصمت، يتحوّل إلى قاعدة.
السويداء لا تناديكم، بل تفضحكم العار للصامتين

https://x.com/Syria_Nahda

متوسط التقييم
لا يوجد تقييم بعد
جمانة يوسف
جمانة يوسفhttps://syria-nahda.org/
أستاذة محامية متخصصة، تحمل درجة الإجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام 1998.تؤمن بأن "الجميع دون استثناء تحت سقف القانون لتحقيق العدالة الاجتماعية الكاملة"
spot_imgspot_img