طهران تُصعّد نوويًا: مفاوضات متوقفة وتخصيب متسارع

جمود المفاوضات… فرصة لإيران

يرى محللون أنّ التصريح الإيراني الأخير بوقف التعاون مع الوكالة، من 2 يوليو، لا يعد خطوة عابرة بل بمثابة خيار استراتيجي مدروس. فإيران باتت تستخدم هذا التوقف كغطاء سياسي وتفاوضي لتصعيد وتيرة تخصيب اليورانيوم، بهدف إما الارتقاء بموقفها التفاوضي أو الانسحاب من اتفاق عدم الانتشار بالكامل..

هذا الوضع يعقّده التناقض الداخلي في إيران؛ إذ تواجه الحكومة ضغوطًا من جناح أصولي يدعو للاستفادة من الوضع الراهن لبلوغ “نقطة اللاعودة” نحو السلاح، في حين يرى pragmatists أن هذه الخطوة قد تكون استراتيجية تفاوضية.

الأثر الجيوسياسي والخطوات الدولية

إعادة العقوبات:
أكدت بريطانيا وفرنسا وألمانيا أنها ستفعّل آلية “snapback” لإعادة العقوبات على إيران بحلول نهاية أغسطس إن لم تُستأنف المفاوضات الجدية، وذلك بسبب تصاعد الأنشطة النووية.
ردّ إسرائيل وربما أميركا:
مراقبون يؤكدون أن الإجراءات العسكرية (مثل الضربات الجوية) الأخيرة لم تحمّل إيران الرسالة بشكل كافٍ، مما دفعها للثأر المحتمل وإعادة إطلاق برنامجها النووي تحت ضجيج توقع حدوث “حرب لا تنتهي”

النطاق التقني: إلى أي مدى اقتربت إيران؟

تشير التقارير إلى أن إيران تُخصّب اليورانيوم حتى 60%، وهو مستوى قريب جدًا من التخصيب للسلاح (نحو 90%). وقد أوردت الوكالة أن المخزون تجاوز 400 كغ عند هذه النسبة.
البعض يرى أنّ إيران قادرة من الناحية الفنية على إنتاج يورانيوم بدرجة سلاح في غضون أسابيع، وإنشاء قنابل نووية في أقل من نصف عام .
يكمن التحدي الحقيقي في القدرة على تصنيع القنابل وتطوير وسائل الإطلاق، وهي مراحل معقدة قد تستغرق بين أشهر وسنوات، إذا قررت طهران المضي فيها.

التحدي: الحرب أم الدبلوماسية؟

يرى ناشيونال إنترست أنّ الحل الأمثل لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي هو العودة إلى اتفاق تفاوضي شامل. ويتوقّع أن ترامب (أو الإدارة الأميركية المعنية) قد يملك فرصة لإثبات جدارته في ملف السلام، لكن حتى اللحظة لا يزال الشكّ سيد الموقف.

بالمقابل، يرى خبراء أميركيون أن أي تصعيد عسكري جديد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، وربما إشعال جولة صراع تشمل إيران وإسرائيل وربما تدخل عسكري أميركي مباشر. والتحذير من أن مثل هذه الهجمات، رغم تعطيلها مؤقتًا للبنية التحتية النووية، فإنها تبقى حلًا قصير النظر وخطيراً من حيث العواقب.

ما المطلوب الآن؟

1. إعادة رأس الحوار:
يجب على واشنطن وأوروبا تحييد النزاع الأكثر حدة، والتركيز على إيران، مع ضمانات لإبقاء الحوار مفتوحًا وواضحًا.

2. عمليات رقابية دولية فعّالة:
العقوبات وحدها لن توقف إيران. المطلوب إصلاح العلاقات مع الوكالة وتوسيع انتشار المفتشين نہائيًا.

3. توازن بين العقوبات والحوار:
أداة العقوبات يمكن أن تُعاد فعاليتها، شرط أن تُنظم بالوقت المناسب وتدعمها دبلوماسية واعية تمنح طهران مخرجًا للتفاوض.

4. خطوط حمراء واضحة:
إيران يجب أن تفهم أنّ أي عمل عسكري ضدها يمثّل خرقًا للاتفاق غير قابل للتفاوض قامعًا، لكن مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام مفاوضات جديرة.

لا نملك رفاهية انتظار الكارثة

إيران تواجه اليوم منعطفًا حاسمًا: إما العودة إلى مسار تفاوضي جاد، أو الانزلاق نحو خط الانتاج النووي بقدرات أقرب من السلاح. والنتيجة قد تكون تأجيجاً إقليمياً يتجاوز الصواريخ النووية وينسحب إلى مواجهات مفتوحة.

الوقت لم يعد متسعًا، والرهان يحتاج قيادة تاريخية، لم تترك الباب للدبلوماسية حتى اللحظة. الخيار يبقى مطروحًا أمام كل الجهات… فهل ستحسن إيران وأميركا قراءة اللحظة، أم سيتم تسجيلها كصفحة سوداء إضافية في تاريخ الإقليم؟

طهران هل اقتربت فعلاً من امتلاك السلاح النووي؟

يثير تسارع خطوات طهران في تخصيب اليورانيوم وتسليح برنامجها النووي تساؤلات خطيرة حول مدى اقترابها من إنتاج السلاح النووي الإيراني بشكل فعلي. فهل تتحول المخاوف الدولية إلى واقع، أم أن هناك فرصة أخيرة لاحتواء الأزمة عبر التفاوض؟

وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، حيث ترى دول الجوار أن امتلاك إيران للسلاح النووي يهدد توازن الردع في الشرق الأوسط. كما أعربت السعودية والإمارات عن قلقهما المتزايد من غياب الشفافية، وطالبتا بضمانات دولية تمنع الانزلاق نحو سباق تسلح نووي جديد في المنطقة. في المقابل، تؤكد طهران أن برنامجها النووي موجه لأغراض سلمية فقط، وهو ما تشكك فيه العواصم الغربية. وبين الضغوط الاقتصادية الداخلية والعزلة الدولية، يبدو أن إيران باتت تستخدم ورقة النووي كورقة مساومة أخيرة، الأمر الذي قد يشعل صراعًا أوسع ما لم تُفتح قنوات تفاوض جديدة ومؤثرة.

طهران هل اقتربت فعلاً من امتلاك السلاح النووي يثير تسارع الخطوات في تخصيب اليورانيوم وتسليح برنامجها النووي تساؤلات خطيرة حول مدى اقترابها من إنتاجه بشكل فعلي