web analytics
spot_img

ذات صلة

أول استقالة حكومية في سوريا بسبب أحداث السويداء.. كسرٌ للصمت الرسمي

أعلنت سمة عبدربه، المستشارة الأولى لوزير الاقتصاد والصناعة، استقالتها من منصبها، في بيان مفاجئ أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط الرسمية والشعبية. جاء ذلك بعد ساعات من نشرها تعليقًا علنيًا نادراً على صفحتها الشخصية، تنتقد فيه حجم المعاناة في محافظة السويداء، وغياب الحكومة والمجتمع الدولي في الاستجابة الإنسانيّة.

تعليق “كسرٌ للصمت الرسمي”

وصفت عبدربه في منشورها السويداء بأنها “منكوبة“، متسائلة عن غياب دور الأمم المتحدة والأردن في تقييم الوضع، ومُشيرة إلى غياب الشفافية الحكومية وغياب دور الدولة في توفير مساعدات عاجلة. وكتبت:

“ما زال أهلنا في السويداء يلملمون أشلاء موتاهم… ولا شفافية بالمطلق من طرف الحكومة حول الوضع هناك… كيف لم يتم حتى الآن إدخال طرف حيادي للتقييم والمساعدة؟ مجازر الساحل تتكرر”.

هذه الصرخة، بنبرة إنسانية نادرة من داخل الدوائر الحكومية، تشكل ما يسميه البعض بمفهوم كسرٌ للصمت الرسمي، أي الخروج عن الإجماع الصامت وتوجيه انتقاد علني للنظام.

ردود الأفعال: من الخيانة إلى الدعم الصامت

أحدث بيانها تصدعات في الخطاب الرسمي والاجتماعي حول السويداء، إذ تعرضت لسيل من الاتهامات بـ”الخيانة” و”التحريض”، تخلّلها شتائم طائفية وجندرية. واعتُبرت خطوة “خروج عن الإجماع” من قبل أطراف محسوبة على النظام.

لكنها اختارت الصراحة حتى النهاية، مشيرة إلى أن منصبها كان تطوعيًا وليست “تسلقًا سياسيًا“، وقالت في بيان الاستقالة:

“أُتهمت بالخيانة العظمى… أرفض كل أشكال إراقة الدماء… أطمح للمساهمة في نهضة سوريا”.

تأتي استقالتها كمشهد استثنائي في مناخ سياسي لطالما امتاز بالصمت الرسمي تجاه الحوادث الطائفية والأمنية في المحافظات.

السياق المتفجر في السويداء

شهدت السويداء خلال الأسابيع الأخيرة تصاعدًا غير مسبوق في العنف، بين عشائر بدوية وميليشيات درزية استمرّت لأيام، وأسفرت عن مئات الضحايا من المدنيين والمقاتلين. تدخل الجيش السوري وواجه مطالبات حكومية لوقف إطلاق نار سريع والتوصل لهدنة، وهو ما تحقق مؤخرًا تحت ضغط دبلوماسي أمريكي وتركي.

العنف الطائفي طاول المدنيين، ووصل إلى مجازر ميدانية تجاوز عدد ضحاياها 900 شخص. رغم وقف إطلاق النار الرسمي، فقد أكدت المصادر استمرار التوترات وآثار العنف على السكان، مع تضرر البنى التحتية الصحية وتكرار حالات الانعدام الأمني.

آراء ومطالب داخلية وخارجية

  • الرئيس المؤقت أحمد الشرع قال إن “حماية حقوق الدروز أولوية” بعد العنف، متعهدًا بمحاسبة المسؤولين عن إدخال مدنيين في دائرة الصراع.

  • دعوات أممية تدعو لإدخال مراقبين دوليين وتوفير حماية للمدنيين في السويداء.

  • احتجاجات خارجية: تشارك منظمات سورية دولية وجاليات في لندن وباريس بإدانة للعنف وتحمل النظام المسؤولية.

مغزى الاستقالة وتأثيرها السياسي

الاستقالة تمثل تحولًا نادرًا في الخطاب الرسمي السوري نحو الانفراج الداخلي والتقيّد بالحدود الأخلاقية تجاه مأساة طائفية. ورغم أن صوتًا واحدًا لا يحدث ثورة، إلا أنه يحفر فجوة في الحائط المركزي لصمت السلطة.

هذا “كسرٌ للصمت الرسمي” يحمل دلالات:

  • الحراك الداخلي يزداد، وربما يشجع ضمائر أخرى على التمرد على الصمت.

  • ضغط داخلي بإطار إنساني وأخلاقي وضع النظام أمام اختبار حقيقي في قدرته على استيعاب النقد.

  • مؤشرات على تضييق سياسي داخلي تدفع جزءًا من النظام للاعتراف بالخطأ ومراقبة العالم الخارجي.

كسرٌ للصمت الرسمي وصفت عبدربه في منشورها السويداء بأنها "منكوبة"، ومُشيرة إلى غياب الشفافية الحكومية وغياب دور الدولة في توفير مساعدات عاجلة.
سمة عبد ربه

الاستقالة كجرس إنذار داخل النظام السوري

تُعد استقالة سمة عبدربه، رغم طابعها الرمزي، مؤشرًا لافتًا على بداية تصدّع في جدار الصمت الحكومي السوري. فأن يصدر موقف واضح من داخل الحكومة، ينتقد التعامل مع مأساة بحجم أحداث السويداء، فهذا يرسل رسالة مفادها أن الانضباط السياسي لم يعد مطلقًا. كما تعكس الاستقالة وجود تيار داخل الإدارة، وإن كان ضئيلًا، لا يزال يؤمن بأن الوظيفة العامة ترتبط بالضمير الأخلاقي، لا فقط بالولاء السياسي.

هذه الصدمة الأخلاقية، رغم محاصرتها بالهجوم والاتهامات، قد تُحرّض مسؤولين آخرين على إعادة التفكير، خصوصًا في ظل عجز الدولة عن تقديم رواية موحدة للأحداث، وتزايد الضغط الشعبي والدولي. قد لا تغيّر الاستقالة المعادلة، لكنها بالتأكيد فتحت ثغرة في الجدار، وقد تكون بداية تحولٍ هادئ في بنية الخطاب داخل النظام.

تثبت استقالة سمة عبدربه أن صوتًا واحدًا، إذا كان مدفوعًا بالضمير، يمكن أن يصبح حجرًا يكسر صمت النظام المطلق. فتلك اللحظة، التي اعتُبرت استقالة “زيّنت الحزن”، قد تحدث تأثيرًا طويل المدى على علاقة الدولة بمواطنيها، وتضع علامات استفهام حول مدى استعداد النظام للاعتراف بالمسؤولية إزاء الكارثة الطائفية في السويداء.

المصادر:

تابعونا على منصة فيسبوك

ومنصة X

متوسط التقييم
لا يوجد تقييم بعد
spot_imgspot_img