القسم الحادي عشر
القسم الحادي عشر الاستراتيجية النهضوية الشاملة
من الرؤية إلى الفعل السيادي
مقدمة عامة للقسم
بعد أن شُيِّدت اللبنات الفلسفية، والتشريحية، والسياسية، والاقتصادية لمشروع النهضة السورية في أقسامه السابقة، يأتي هذا القسم بوصفه النقلة النوعية التي تُخرج المشروع من حيّز الرؤية إلى حيّز التفعيل السيادي، ومن الحلم المؤسَّس نظريًا إلى الخطة المتكاملة القابلة للتحقيق.
إنه القسم الذي تُعاد فيه صياغة كل ما بُني من مفاهيم، ومسارات، وهياكل، ومبادئ، بلغة الدولة، ومنطق السياسة، وخطاب السيادة الوطنية. فإذا كانت الأقسام السابقة قد وضعت المشروع في سياقه المعرفي والتاريخي والاجتماعي، فإن هذا القسم هو الذي يضعه في قلب الفعل السيادي الشامل، كخطة استراتيجية عليا تبدأ من تحرير الإرادة، ولا تنتهي إلا بإعادة تشكيل سوريا كدولة ذات قرار مستقل، ونظام تمثيلي جامع، ومجتمع حرّ واعٍ فاعل.
نحن لا نقف هنا أمام “برنامج حكم” أو “خريطة حزبية”، بل أمام هندسة استراتيجية عليا تنبع من رؤية تأسيسية للإنسان والسيادة والدولة والمجتمع، وتُترجم تلك الرؤية إلى فعل تاريخي واضح، يخاطب السلطة كمسؤولية لا كامتياز، ويحوّل الإرادة الشعبية من هامش منسي إلى مركز القرار. ولذلك فإن كل فصل في هذا القسم ليس مجرد طرح إداري أو تقني، بل هو ترجمة عملية لفكرة عليا، ومخرج مباشر من جذور الانهيار التي تم تشريحها سابقًا، وبوابة نحو بناء سيادة مستدامة متكاملة داخليًا وخارجيًا.
يتوزع هذا القسم على أربعة أبواب كبرى:
الباب الأول يحدّد الرؤية الاستراتيجية ومبادئ الفعل الوطني، متناولًا فلسفة النهضة كفعل سيادي لا كحلم مثالي، ومؤسسًا لمبدأ الواقعية الأخلاقية التي ترفض التسويات المسمومة دون أن تسقط في الطوباوية.
الباب الثاني يعالج آليات التمكين الوطني والسياسي من الجذور، بدءًا بإعادة بناء المجال السياسي والمجال العام، وصولًا إلى إعادة إنتاج الشرعية، وتحرير العقد الاجتماعي، وبناء مشروع تحرر وطني حقيقي يعيد القرار إلى الداخل.
الباب الثالث يتناول استراتيجيات الأمن القومي بمفهومها المتكامل، مستبدلًا منطق الردع العدواني بمنظومة الحماية السيادية، ومؤكدًا على أن الأمن الحقيقي يبدأ من المجتمع، لا من الأجهزة.
الباب الرابع يعالج دبلوماسية النهضة، بوصفها الوجه الخارجي للسيادة، ومنصة لتشكيل تحالفات غير مرتهنة، تعيد تقديم سوريا للعالم كفاعل حرّ لا كملحق تابع.
وبين هذه الأبواب، تُعاد صياغة المفاهيم الكبرى مثل السيادة، الشرعية، الأمن، القرار، التمثيل، والهوية الوطنية، في سياق خطة استراتيجية لا تكتفي بتحليل الأسباب، بل تبني أدوات الخروج منها، وتحوّل الوعي إلى فعل، والإرادة إلى مشروع، والمشروع إلى دولة.