القسم الحادي عشر
خاتمة القسم الحادي عشر
الاستراتيجية النهضوية الشاملة – من الرؤية إلى الفعل السيادي
بهذا القسم، نكون قد أنجزنا التحوّل المنهجي من التنظير إلى التخطيط، ومن التحليل إلى التدبير، ومن فهم التشوّه إلى بناء الأداة القادرة على معالجته.
فما طُرح في هذا القسم ليس توصيات ظرفية، ولا أوراق سياسات عابرة، بل خريطة الفعل السيادي الذي يُترجم مشروع النهضة إلى واقع ملموس، ويمنحه الأدوات السياسية والأمنية والدبلوماسية اللازمة كي يتحرّك، ويحمي نفسه، ويتوسع، ويُثبت جذوره.
في هذا القسم، لم نكتب حلمًا، بل صيغةً واقعية للنهضة: انطلقت من فلسفة السيادة بوصفها مسؤولية تاريخية لا سلطة وراثية، مرّت عبر التمكين السياسي الذي يعيد تأسيس المجال العام والعقد الاجتماعي والقرار الحر، استكملت بناها بمنظومة أمن قومي تحمي الداخل من الانكشاف، وتحول دون الانهيار أو الابتزاز، واختتمت بمدّ اليد إلى العالم من موقع المبادرة والاستقلال، لا من موقع الانعزال أو الارتهان.
لقد وُضعت في هذا القسم القواعد التشغيلية الأولى للدولة السورية الجديدة – دولة تعرف من أين تبدأ، وكيف تحمي نفسها، وكيف تُعبّر عن مشروعها داخل البلاد وخارجها، بلا خضوع، وبلا انتقام، بل بقوة السيادة العاقلة، ومشروعية الفعل العادل، وكرامة التمثيل السياسي الذي لا يُستعار من أحد.
إن هذه الاستراتيجية ليست خاتمة القول، بل بدايته الفعلية. فما قبلها كان تفكيكًا للجراح، وما بعدها يجب أن يكون تركيبًا لوسائل التعافي والتحرر والبناء.
ومن هنا، فإن القسم الثاني عشر لن يكون امتدادًا لهذا التخطيط فقط، بل اختراقًا لمساحات الشرعية الدولية والاعتراف السياسي، ومواجهة مباشرة مع صيغ التمثيل، وحدود المشروعية، وإمكانيات إعادة تعريف الدولة السورية أمام نفسها والعالم.
لقد انتهى النص، وبدأ الامتحان. فما طُرح هنا من رؤى سيادية واستراتيجيات متكاملة، لن يكتسب معناه إلا حين يُحوَّل إلى قرار، وممارسة، ومسار تاريخي يُنجز ما وُعد به الشعب السوري: أن يكون حرًّا، سيّدًا، شريكًا، ومؤسِّسًا لوطن لا يحكمه أحد من فوقه، ولا يدافع عنه أحد سواه.