web analytics
القسم الثاني عشر – الباب الأول

خاتمة الباب

الأسس السيادية للسياسة الخارجية السورية

لم تكن السياسة الخارجية في سوريا، لعقود، تعبيرًا عن سيادة الدولة، بل كانت انعكاسًا لصراعات النظام، وتحالفاته الاضطرارية، وعجزه البنيوي عن بناء سياسة مستقلة تمثل الشعب وتحمي المصلحة الوطنية. وقد أدى هذا الانحراف إلى عزل سوريا عن محيطها، وزجّها في تحالفات مقطوعة الجذور، وفقدان وزنها الحقيقي في ميزان العلاقات الدولية.

أما في مشروع النهضة، فإن السياسة الخارجية تُعاد إلى مكانها الطبيعي بوصفها وظيفة سيادية، تُبنى على رؤية وطنية، وتُدار من داخل مؤسسات الدولة، وتخضع للتمثيل الشعبي، وتُوظَّف لخدمة الاستقرار والتنمية والسيادة. ومن خلال العقيدة الدبلوماسية الجديدة، والمبادئ السيادية التي تحكم التوجه الخارجي، ومن خلال فهم أعمق لمفهوم الاعتراف بوصفه أداة قانونية لا صك إذعان، وصولًا إلى التموضع الذكي في عالم مضطرب، يتأسس إطار رصين لعلاقة سوريا الجديدة بالعالم.

بهذا الأساس النظري الصلب، ننتقل من المبادئ إلى التطبيقات، ومن التأطير المفاهيمي إلى العلاقة مع القوى الفاعلة في النظام الدولي. وفي الباب التالي، تُعالج العلاقة مع القوى الكبرى، لا من منطلق الاصطفاف أو القطيعة، بل من منطلق بناء شبكة علاقات متوازنة، تُراعي السيادة الوطنية، وتُدير المصالح دون تنازلات.