web analytics
القسم الثاني عشر – الباب الثالث

الباب الثالث العلاقات الإقليمية وإعادة التموضع

مقدمة

لا يمكن لسوريا أن تنهض من ركام الحرب دون أن تُعيد بناء علاقتها بجوارها المباشر. فالجغرافيا السياسية ليست خيارًا، بل قدرٌ يجب التعامل معه بمنتهى العقلانية والمسؤولية. وقد كانت العلاقة مع الإقليم في العقود السابقة محكومة بثلاث سمات خطيرة: الانكفاء، التوظيف، والعداء المفتعل، ما أدى إلى عزل سوريا عن محيطها العربي، وتصاعد التوتر مع جيرانها، وتفكك روابطها الطبيعية مع المنطقة.

أما الدولة السورية الجديدة، فإنها لا تنظر إلى الإقليم من منطلق الخوف أو الانفعال، بل من منطلق السيادة الواعية، والتموضع المتوازن، والقدرة على إدارة التباينات دون انكسار. وتُدرك أن عمقها العربي، وجوارها الجغرافي، هما امتداد لأمنها الوطني، وأن أي مشروع نهضوي لا يمكن أن يكتمل دون مصالحة شاملة مع الإقليم، على قاعدة الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.

ويُناقش هذا الباب طبيعة العلاقة مع أبرز القوى الإقليمية، من إيران وتركيا ودول الخليج، إلى مصر والأردن ولبنان وفلسطين والمغرب العربي، مُقدّمًا تصورًا متكاملًا لإعادة تموضع سوريا في محيطها، لا كطرف مُستتبع، ولا كدولة منغلقة، بل كفاعل متزن يسعى إلى شراكة لا إلى هيمنة، وإلى أمن مشترك لا إلى اصطفاف خطير.

 

القسم الثاني عشر - فصول الباب الثالث