مقدمة القسم الثالث عشر
القسم الثالث عشر من المشروع إلى الدولة
السياسات التنفيذية والحوكمة السيادية
مقدمة
في نهاية كل مشروع فكري أو سياسي، تقف الدولة أمام لحظة الحسم: هل تبقى الأفكار حبيسة الورق، أم تتحوّل إلى منظومات تنفيذ وسياسات حوكمة؟
هنا، في هذا القسم الثالث عشر، ينتقل مشروع النهضة من مرحلة التأسيس المعرفي والسياسي والاجتماعي، ومن بناء العقد الاجتماعي والدستوري، إلى المرحلة التي تُختبر فيها الفكرة في ميدان الدولة، وتُقاس بقدرتها على الاستجابة الفعلية لحاجات الإنسان، والمجتمع، والسيادة الوطنية.
لسنا أمام سياسات قطاعية مشتتة، ولا أمام برامج حكومية ظرفية، بل أمام رؤية تنفيذية متكاملة، تُعيد تعريف وظيفة الدولة من جديد:
دولة تستمد شرعيتها من دستور سيادي لا من استحقاق أمني.
دولة تُشرّع لصالح الإنسان، لا لصالح الطبقة الحاكمة.
دولة تقيم العدل لا تتاجر به.
دولة تزرع وتنتج وتصنع، لا تستهلك وتستدين.
دولة تخدم الإنسان بكرامة، لا تُذلّه لتسوسه.
دولة تسكن العقل والقانون، لا الطائفة أو الولاء.
دولة تقول للعالم: لقد عدنا، وهذه هويتنا السيادية الجديدة.
هذا القسم لا يضع توصيات، بل يؤسّس لسياسات تنفيذية، تُراد لها أن تكون قابلة للتطبيق في كل قطاع من قطاعات الدولة الجديدة. وتم تقسيم هذه السياسات إلى خمسة أبواب كبرى، تغطي كل من:
السياسة الدستورية والسياسية بوصفها البنية القانونية للشرعية.
السياسة الاقتصادية والتنموية بوصفها محرّك الاستقلال الإنتاجي.
السياسات المجتمعية والخدمية بوصفها أدوات الكرامة الإنسانية.
السياسات السيادية والرمزية بوصفها حاملات الانتماء والسيادة الثقافية والمعلوماتية.
السياسة الخارجية والدفاعية بوصفها أدوات التموضع الاستراتيجي في الإقليم والعالم.
لكل باب من هذه الأبواب أدواته ومفاتيحه، لكن جميعها تستند إلى هدف واحد: تحويل مشروع النهضة إلى دولة، وتحويل الدولة إلى عقد سيادي جامع، لا يُدار بمنطق الغلبة، بل بمنطق السيادة المتوازنة على الإنسان والأرض والمؤسسات.