القسم الخامس – الباب الثاني
خاتمة الباب الثاني
خارطة التدرّج الوطني – من الانتقال إلى الاستدامة
لقد قدّم هذا الباب رؤية تنفيذية واقعية لبناء الدولة السورية الجديدة، من لحظة الفراغ السيادي وحتى مرحلة التمكين البنيوي.
لم يكن الهدف وضع خطة جامدة تُكرّر فشل التجارب السابقة، بل رسم مسار واعٍ، تدريجي، أخلاقي، وفعّال، يُخرج البلاد من منطق الاستجابة الطارئة، إلى منطق البناء العميق القابل للاستمرار.
وإذا كانت فلسفة مشروع النهضة قد أعادت تعريف الدولة بوصفها كيانًا أخلاقيًا وسياديًا، فإن خارطة التدرّج هنا تحوّل تلك الفلسفة إلى مسار زمني ومؤسساتي ملموس، قابل للتنفيذ، وقابل للتقييم والمراجعة.
لقد أثبتت التجربة السورية أن أعظم الخيانات كانت ترتكب باسم “الاستقرار”، وأن الاستبداد كان يُرمَّم دومًا باسم “الضرورة” و”التدرج”، و”الظروف”.
لهذا، يؤكد هذا الباب على قاعدة لا تُخالف:
نعم للتدرّج، لكن لا لتجميد الجوهر.
نعم للمرونة، لكن لا للإنكار.
نعم لبناء الدولة خطوة خطوة، لكن لا لإعادة إنتاجها كقيد، أو كاحتكار، أو كأداة ابتزاز سياسي أو طائفي.فما طُرح هنا ليس تسلسلًا وظيفيًا فقط،
بل مِعمار أخلاقي لحماية الدولة القادمة من نفسها، ومن احتمالات انحرافها، أو سقوطها في فخ القوة المجردة من المعنى.
بهذا، ينتقل مشروع النهضة إلى مرحلة جديدة:
من رسم الطريق، إلى صياغة التوصيات الاستراتيجية التي تُوجه الفاعلين الحقيقيين – في الداخل والخارج – نحو أداء مسؤول يساهم في إنجاح هذا المسار التاريخي.