web analytics
القسم السادس عشر – الباب الأول

الفصل الرابع بناء العلاقات الداخلية والدولية

من العزلة إلى السيادة التفاعلية

مقدمة الفصل
لا تنشأ الدولة في فراغ، ولا يمكن أن تُفعّل سيادتها داخل حدودها فقط،

بل لا بد أن تُعيد تموضعها في محيطها الداخلي والخارجي، انطلاقًا من مشروعها القيمي، لا من اصطفافاتها القديمة أو هشاشاتها السابقة.

ففي سوريا الجديدة، لا تُبنى العلاقات على الرضوخ، ولا على الارتباط، بل على قاعدة التفاعل السيادي المتوازن، الذي يُعيد تعريف الداخل بوصفه الحاضنة الأولى، والخارج بوصفه فضاءً للتعاون، لا للوصاية.

وفي هذا الفصل، نرسم أسس العلاقات الداخلية والدولية انطلاقًا من منطق النهضة لا منطق الوراثة الجيوسياسية، ومن مبدأ المصالح السيادية المشتركة، لا التبعية أو العداء المجاني.

أولًا: العلاقات الداخلية – من الإكراه إلى التمثيل والتكامل

  • تمثيل الهويات المحلية:
    • تُبنى العلاقة بين المركز والمناطق على مبدأ الشراكة التمثيلية، لا السيطرة الإدارية.
    • تُنظّم المؤتمرات المناطقية نصف السنوية لمناقشة السياسات السيادية في التعليم، الاقتصاد، والخدمات.
  • إعادة دمج المجتمع:
    • تُطلق برامج مصالحة مجتمعية وتكامل رمزي–وظيفي بين المناطق المتنازعة سابقًا، من خلال المبادرات المحلية المستقلة.
    • تُموَّل شبكات التعاون المدني–الإنتاجي بين الأرياف والمدن، بهدف خلق وحدات اقتصادية اجتماعية فاعلة.
  • ضمان اللامركزية التمثيلية:
    • تُعتمد اللامركزية السياسية والإدارية بوصفها بنية استقرار سيادي، لا كخطوة اضطرارية، وتُؤطَّر قانونيًا عبر ميثاق داخلي للتمثيل المحلي.

ثانيًا: السياسة الخارجية – من موقع التابع إلى موقع الشريك

  • استراتيجية التفاعل السيادي:
    • تُبنى العلاقات الخارجية على ثلاثية: احترام السيادة، دعم المشروع النهضوي، عدم التدخل في الشأن الداخلي.
    • تُوضع خطوط حمراء لأي تدخل أو تمويل مشروط يهدد التوازن الوطني.
  • تحديد دوائر الشراكة الدولية:
    • الدائرة الإقليمية: الدول المجاورة ذات المصالح المباشرة.
    • الدائرة الدولية: المؤسسات الأممية والدول ذات التأثير العالمي.
    • الدائرة الشعبية–المدنية: الجاليات والشتات والشركاء الحقوقيون والمعرفيون.
  • فتح ملف العلاقات السابقة:
    • مراجعة الاتفاقات والمعاهدات التي وُقّعت في عهد النظام القديم، وتجميد ما يتعارض مع السيادة أو يخالف الميثاق.

ثالثًا: أولويات العلاقات الدولية في السنوات الأولى

  1. إطلاق مؤتمر دولي لدعم الاستقرار الانتقالي في سوريا، بشروط النهضة لا عبر آليات النفوذ التقليدية.
  2. الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الإنسان وتعزز الحكم الرشيد، مع التحفظ على البنود التي قد تُستخدم ضد السيادة الداخلية.
  3. تأسيس هيئة تمثيل خارجي مؤقتة باسم “المندوبية السيادية السورية”، تتولّى العلاقات مع المجتمع الدولي في ظل غياب التمثيل الدبلوماسي الكامل.
  4. فتح مفاوضات مع الدول المعنية بالملف السوري، على قاعدة “لا حلول إلا بسيادة الداخل”، وبمشاركة المجتمع المدني والشتات.

رابعًا: حماية المشروع النهضوي من التوظيف الخارجي

  • يُمنع أي تمويل سياسي أو ديني أو إعلامي لا يخضع لمراقبة هيئة الرقابة السيادية.
  • تُطوَّر أدوات السيادة المعلوماتية لمراقبة حملات التلاعب الخارجي بالوعي العام.
  • تُقدَّم سوريا الجديدة ككيان سيادي مستقل، لا كطرف في محاور، ولا كامتداد لأجندات قوى إقليمية أو دولية.

خاتمة الفصل
العلاقات الخارجية ليست امتدادًا لصوت الدولة، بل لكرامة الناس،
ولا معنى لاستقلال داخلي يُهدَر على موائد التبعية الخارجية.

وفي سوريا الجديدة، لا تُبنى التحالفات من منطق الخوف،
ولا تُدار ملفات السيادة كصكوك إذعان،
بل تُخاطَب الدول لا من موقع الاستجداء، بل من موقع الندية الأخلاقية والمشروع الحضاري.

وبهذا، ننتقل إلى الخطوة الرمزية–السياسية الأهم في هذا القسم:
إطلاق الخطاب السيادي الأول للدولة السورية الجديدة أمام شعبها وأمام العالم