web analytics
القسم السادس عشر – الباب الأول

الفصل الخامس الخطاب السيادي الأول للدولة السورية الجديدة

إعلان الانتماء للشعب والمستقبل

مقدمة الخطاب
من على تراب وطنٍ جُرِّب فيه كل أشكال الإذلال،
وقاوم فيه الإنسان السوري قهر السلطة، وقسوة الحرب، وخذلان العالم،
ومن بين ركام المدن، وجراح المخيمات، وصمت المعتقلات،
تنهض اليوم دولةٌ جديدة، لا بوعدٍ زائف، ولا بانقلابٍ مغلّف بشعارات،
بل بميثاقٍ واضحٍ، تعاقدت عليه الضمائر قبل أن تُوقّعه الأقلام.

نعلن اليوم – باسم شعبنا، وباسم الدماء التي روت هذه الأرض، وباسم العقل الذي صاغ هذه النهضة – قيام الدولة السورية الجديدة.

الخطاب السيادي الأول للدولة السورية الجديدة

باسم الإنسان السوري الذي لم ينكسر، رغم كل القتل والتجويع والتشريد،
باسم الكرامة التي لم تُدفن رغم المقابر الجماعية والمعتقلات،
باسم الأمل الذي قاوم الحصار، وواجه السلاح، وارتفع من تحت الركام،
نُعلن اليوم قيام الدولة السورية الجديدة.

نُعلنها لا بوصفها كيانًا إداريًا، بل بوصفها عهدًا جامعًا، ونقطة فاصلة بين قرنٍ من الاستلاب، وبداية مشروع وطني سياديّ أخلاقي، لا يستمد شرعيته من البنادق، ولا من العواصم، بل من هذه الأرض، من هذا الشعب، من هذا الميثاق.

أيها السوريون والسوريات،
في الداخل والشتات،
في المخيمات وفي المنافي،
في الجامعات وفي الساحات،
وفي قلوبكم التي لم تخن الحلم:

نحن لا نبدأ عهدًا جديدًا،
بل نُسقط عهدًا قديمًا لا يجب أن يعود.
نُسقط الدولة التي كانت “سلطةً على الإنسان”،
لنُقيم دولةً “من الإنسان، وللإنسان، وبالإنسان”.

نُعلن اليوم:

  1. أن الدولة السورية الجديدة تستمد سيادتها من ميثاق النهضة، لا من شعارات محفوظة، ولا من شرعيات مفروضة.
  2. أن سلطة الدولة لا تعلو على إرادة الشعب، ولا تتقدّم على حريته، ولا تُبرر نفسها بالخوف أو الضرورة أو الطوارئ.
  3. أن كل ما أُهين في عهد الطغيان – من كرامة وحق وعدالة – سيُعاد إليه اعتباره لا عبر الأقوال، بل بالأفعال.
  4. أن الجيش سيُعاد تعريفه: لا كحارس لكرسي، بل كدرع لحياة الناس وكرامتهم وحدودهم، دون تدخل في السياسة أو مصير السلطة.
  5. أن المرأة لن تُقصى بعد اليوم باسم التقاليد، ولا باسم الدين، ولا باسم الحماية الكاذبة، بل ستكون شريكة في القرار، في التشريع، في السيادة.
  6. أن الفقير لن يُستخدم بعد اليوم كذريعة للشعارات، بل سيكون أول من يُصاغ لأجله العقد الاجتماعي، وأول من تُرسم له السياسات.
  7. أن كل معتقل رأي، وكل مفقود، وكل شهيد مجهول، هو جزء من ذاكرة هذه الدولة، لا منسيٌّ في أرشيف نسيانها.
  8. أن الشتات لن يكون جالية، بل جناحًا من أجنحة السيادة. فالسوري المنفي ليس طيفًا، بل ركنٌ من أركان هذا الوطن.

ونُعلن أمام العالم بأسره:

لن نُستبدَل بطاغية جديد في ثوب الثورة،
ولا بدولةٍ ممسوخة تستورد شرعيتها من المانحين،
ولا بحكومة “انتقالية” بلا اتجاه ولا عمق.
بل نُعلن قيام دولة لا تُدار بردّات الفعل،
ولا تُبنى على الصفقات،
بل تُخطّ بعقل، وتُحكم بمعنى، وتُراجع بإرادة شعبها.

وهذا ما نلتزم به:

  • لا استقرار بلا عدالة.
  • لا أمن بلا حرية.
  • لا وحدة بلا تمثيل.
  • لا سلطة بلا مراجعة.
  • لا شرعية بلا إنجاز.
  • ولا مستقبل دون اعتراف بكل ما جرى، وبكل من ظُلم، وبكل من قاوم ولم يبع.

أيها السوريون،

هذا الوطن لا نمنحكم إيّاه، فهو لكم أصلًا.
وهذه الدولة لا نحتكرها، بل نضعها بين أيديكم،
تُقيّمونها، تُصلحونها، تسحبون منها الشرعية إن خانتكم،
وتحملونها إن خذلتها النُخب.

بهذا نعلن لا قيام السلطة، بل بداية الأمة.
نعلن لا الانتصار السياسي، بل العودة إلى الإنسان.
نعلن لا استلام الحكم، بل تحمّل المسؤولية.

عاشت سوريا حرّة، عادلة، سيادية،
وعاش شعبها مصدر المعنى، ومالك الدولة، وصاحب القرار.