القسم الأول
خاتمة القسم الأول من التشريح إلى الإمكان
عبور الألم نحو الفكرة
بهذا، نكون قد أتممنا الغوص في أعماق البنية السورية كما وُلدت بعد الاستقلال، وتفسّخت مع الزمن، ثم انهارت تحت ثقل الاستبداد، والتبعية، والتذرر المجتمعي، والخراب المؤسسي. لقد حللنا الدولة لا ككيان قانوني فقط، بل ككائن حيّ تمّ تفكيك أوصاله، وإخضاعه لسلطة تُعيد إنتاج القمع بوصفه نظامًا، والفراغ بوصفه قاعدة.
ما قمنا به لم يكن تأريخًا للحطام، بل تفكيكًا جذريًا لأسباب العجز والانهيار، وتشريحًا لكل ما أدى بسوريا إلى أن تفقد معناها كدولة، وقيمتها كوطن، وإنسانها كفاعل.
لكن الفهم، مهما بلغ من العمق، لا يصنع النهضة وحده.
ولذلك، فإن ما يلي هذا القسم لن يكون مجرّد وصف إضافي، بل سيكون تأسيسًا فلسفيًا لمشروع مختلف، نابع من كل ما عانيناه، ومؤسَّس على ما كشفناه.
سننتقل الآن إلى بناء المفاهيم التي نريدها دعائم لسوريا جديدة:
سوريا الإنسان، والمعنى، والكرامة، والسيادة.
سننتقل من التشريح إلى الفكرة، من الهدم إلى البناء، ومن العجز إلى الإمكان.
إن القسم التالي هو محاولة للإجابة على سؤالٍ لطالما خفنا من طرحه:
إذا انتهى هذا الخراب، فماذا بعد؟