web analytics
القسم الثالث – الباب الخامس

الفصل الواحد و العشرون المعرفة كأداة سيادة

التعليم، الإعلام، الثقافة

 مقدمة تأسيسية:

لا يُستعبد شعبٌ يعرف، ولا يُحرّر شعبٌ يُجهَّل.

المعرفة ليست ترفًا ولا اختصاصًا للنخب، بل هي حق وجودي، وأداة سيادة، وبنية استراتيجية لأي مشروع نهضوي.

وفي سوريا، كان الجهل سياسة، والتلقين منهجًا، والتضليل الإعلامي سلاحًا.

كان النظام يخاف من الكتب أكثر من السلاح، ومن الكلمة أكثر من الرصاصة، لأنه يعرف أن وعي الناس هو أول خطوة نحو الحرية.

فدمّر المدرسة، واحتكر الإعلام، واستبدل الثقافة بالدعاية، وحوّل الجامعات إلى مصانع للولاء، لا للعلم.

واليوم، في مشروع النهضة، لا نحرر الإنسان فقط من الفقر والسلاح، بل من التجهيل والتزوير والسطحية، ونُعيد الاعتبار للمعرفة بوصفها الركيزة الأولى للسيادة الحقيقية.

 أولًا: التعليم كمنظومة للتحرر لا للتلقين

  1. التعليم في ظل النظام:
    • قائم على التلقين لا التفكير.
    • يُنتج الطاعة لا النقد.
    • يُكافئ الخضوع لا الإبداع.
    • مُسيّس ومُعسكر، يخدم السلطة لا المجتمع.
  1. أهداف مشروع النهضة في التعليم:
    • بناء عقل مستقل، نقدي، وحر.
    • إعادة صياغة المناهج على أساس التفكير التحليلي والإنساني.
    • تحقيق العدالة في الوصول إلى التعليم، دون تمييز جغرافي أو طبقي أو طائفي.
    • ربط التعليم بالاحتياجات التنموية الفعلية للمجتمع.
    • تحصين النظام التعليمي من التسييس والإيديولوجيا القهرية.
  1. أدوات التنفيذ:
    • هيئة وطنية لإصلاح التعليم.
    • مشاركة المجتمع في صياغة المناهج التربوية.
    • تأهيل المعلمين معرفيًا وتربويًا بوصفهم عماد النهضة.
    • رقابة مستقلة على المؤسسات التعليمية، وضمان حريتها الأكاديمية.
    • تشجيع التعلّم الحر، والتعليم المهني، والتقني، والإبداعي.

 ثانيًا: الإعلام – من آلة دعائية إلى فضاء حر ومسؤول

  1. الإعلام السلطوي:
    • صوت واحد، ورأي واحد، وكذبة متكررة.
    • أدواته: التخويف، التحريف، التضليل، وشيطنة الآخر.
    • لا يعكس الواقع، بل يصنع واقعًا وهميًا يخدم الحاكم.
  1. الإعلام في الدولة الأخلاقية:
    • حرية التعبير مكفولة، لكن ضمن أخلاقيات المسؤولية.
    • تعددية في الآراء، وحق المواطن في المعلومة الدقيقة والمستقلة.
    • تمويل شفاف، وهيئات إعلامية مستقلة.
    • حماية الصحفيين وحرية النشر والنقد السياسي.
    • خلق إعلام عام لا حكومي، يعكس تنوع المجتمع بدل أن يحتكره.
  1. التحول الرقمي والتحديات الجديدة:
    • ضبط الفضاء الإلكتروني دون قمع.
    • محاربة خطاب الكراهية والتضليل الرقمي.
    • تشجيع الإعلام المجتمعي والمواطني كمكوّن سيادي للوعي العام.

 ثالثًا: الثقافة – من أداة تزوير إلى محرّك وطني للنهضة

  1. الثقافة في ظل القمع:
    • اختُزِلَت في الحفلات الرسمية، والكتب المُجيّرة، والتماثيل، والرقابة.
    • فُرضت سردية واحدة، وهُمّشت الهويات الثقافية المحلية.
    • تم احتقار الإنتاج الثقافي المستقل، وشيطنة الفكر الحر.
  1. استعادة الثقافة بوصفها هوية حية:
    • دعم الفنون والفكر والأدب بوصفها مرآة للذات الجماعية.
    • إنشاء مؤسسات ثقافية لامركزية تُعيد توزيع النشاط الثقافي خارج العاصمة.
    • حماية اللغة العربية وتطويرها، مع الانفتاح على التعدد اللغوي في سياق وطني جامع.
    • إعادة الاعتبار للمسرح، والسينما، والموسيقى، والمكتبات العامة، كمساحات تنوير.
    • تحرير المؤسسات الثقافية من الهيمنة الأيديولوجية، وربطها بالمدنية والانتماء الوطني.

 رابعًا: المعرفة كحق سيادي ومجال للأمن الوطني

  • الدولة التي لا تنتج معرفة، تعيش على هامش القرار.
  • المجتمع الذي لا يملك وعيًا مستقلًا، يكون تابعًا حتى لو امتلك السلاح.
  • السيادة المعرفية هي القدرة على فهم الذات، وقراءة العالم، وتوليد المعنى، وصناعة القرار من داخل المجتمع لا من خارجه.

ولهذا، يجب أن تكون المعرفة:

  1. حقًا دستوريًا مكفولًا لكل مواطن.
  2. منظومة حيوية تنتجها الجامعات، مراكز الأبحاث، والمجتمع المدني.
  3. رافعة للتحرر لا سلعة نخبوية.
  4. أداة لبناء وعي جمعي قادر على المقاومة والبناء معًا.

 خاتمة الفصل:

في مشروع النهضة، المعرفة ليست محايدة، وليست فاخرة، وليست حيادية كما أرادها الطغاة.
بل هي جوهر السيادة، وبوابة الحرية، وسلاح التغيير.

فمن أراد أن يحكم شعبًا، يجب أن يُخرجه من الجهل أولًا.
ومن أراد أن يُحرّر وطنًا، فعليه أن يبدأ من المدرسة، والكتاب، والفكرة.