web analytics
القسم الثالث – الباب الخامس

الفصل الثالث والعشرون التكنولوجيا والمعلوماتية

بناء الدولة الذكية

 مقدمة تحليلية:

لم تعد التكنولوجيا ترفًا تقنيًا، ولا المعلومات سلعة محايدة.
في زمن الثورة الرقمية، أصبحت المعلومة قوة، والبيانات سلطة، والتكنولوجيا سلاحًا سياديًا.

وفي سوريا، لم يكن تأخر الدولة عن العالم الرقمي مجرد نتيجة للفقر أو الحرب، بل كان نتيجة خوف السلطة من الشفافية، ومن المعلومة، ومن المواطن المتصل بالعالم.

فالنظام تعمّد إبقاء المجتمع السوري خارج العصر الرقمي:

  • رقابة صارمة على الإنترنت،
  • تهميش التعليم المعلوماتي،
  • غياب الحكومة الإلكترونية،
  • استخدام التكنولوجيا في القمع بدل التنمية.

وفي مشروع النهضة، لا نُريد فقط إدخال التكنولوجيا إلى مؤسسات الدولة، بل نُعيد بناء الدولة بوصفها كيانًا ذكيًا، متصلًا، مرنًا، شفافًا، عادلًا.

  أولًا: التخلف الرقمي في النموذج السلطوي

  1. غياب البنى التحتية الرقمية الأساسية (شبكات إنترنت فعالة، قواعد بيانات وطنية، أرشفة إلكترونية)
  2. فشل إدخال التكنولوجيا في التعليم، الصحة، الزراعة، الإدارة.
  3. سيطرة الأجهزة الأمنية على الفضاء الإلكتروني، وتحويله إلى أداة مراقبة وقمع.
  4. حرمان المواطنين من أدوات المعرفة والمشاركة الرقمية، وخاصة في الأرياف والمناطق المحرومة.

  ثانيًا: مفهوم الدولة الذكية في مشروع النهضة

الدولة الذكية ليست مجرد مؤسسات مزوّدة بأجهزة، بل هي نموذج حكم يستخدم التكنولوجيا لتحقيق الكفاءة، الشفافية، والعدالة.

وتعني الدولة الذكية:

  1. تحويل الإدارة العامة إلى منصات رقمية شفافة، تُقلل الاحتكاك وتمنع الفساد.
  2. ربط القطاعات الحيوية (الصحة، التعليم، الأمن، الاقتصاد) بمنظومات رقمية موحدة ومرنة.
  3. تقديم الخدمات للمواطن بسرعة وسهولة وعدالة، دون واسطة أو استغلال.
  4. تمكين المواطن من الوصول إلى المعلومة، والمشاركة في الرقابة وصنع القرار.

 ثالثًا: البنى الأساسية للتحول الرقمي

  1. شبكة وطنية موحدة للمعلومات، ترتبط بها الوزارات، البلديات، المؤسسات العامة.
  2. بوابة حكومية رقمية شاملة لإدارة المعاملات والخدمات (توثيق، ضرائب، صحة، تعليم، سجلات مدنية…).
  3. مراكز بيانات وطنية مؤمّنة، لحماية السيادة المعلوماتية.
  4. توسيع البنى التحتية للإنترنت وتوفير الوصول المجاني أو منخفض الكلفة في المدارس والمناطق النائية.
  5. إطلاق مبادرات وطنية لمحو الأمية الرقمية وتعليم البرمجة والتقنيات الحديثة للشباب.

 رابعًا: التكنولوجيا كأداة سيادة لا تبعية

  • السيادة الرقمية تعني أن لا تكون بياناتك في يد الخارج، ولا تعتمد على منصات خارجية في قراراتك الحيوية.
  • ولذلك، فإن مشروع النهضة يدعو إلى:
    • تطوير حلول برمجية محلية.
    • تشجيع الشركات الوطنية الناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي، البيانات، الأمن السيبراني.
    • سنّ قوانين حماية البيانات الشخصية، وحق المواطن في الخصوصية.
    • فرض قيود على الشركات الرقمية الأجنبية التي تنتهك السيادة المعلوماتية.

 خامسًا: التكنولوجيا من أجل المواطن لا ضده

  1. ربط الدعم والخدمات بالمستحقين الحقيقيين من خلال قواعد بيانات ذكية.
  2. توفير تطبيقات رسمية تتيح التبليغ عن الفساد، أو تقديم اقتراحات تطوير الخدمات.
  3. إدماج الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات العامة لتوجيه السياسات الوطنية بكفاءة.
  4. مراقبة أداء المؤسسات تلقائيًا وربطها بمؤشرات الشفافية والكفاءة.

 خاتمة الفصل:

في مشروع النهضة، لا نُقدّس التكنولوجيا، بل نُخضعها للإنسان، ونجعلها خادمة للعدالة، لا أداة تحكم.
فالدولة الذكية ليست تلك التي تراقب كل شيء، بل التي تمكّن مواطنيها من معرفة كل شيء، والمشاركة في كل شيء، دون خوف ولا إذلال.