web analytics
القسم الرابع – الباب الثالث

الباب الثالث منظومة القيم والمعايير المجتمعية

مقدمة

في كل مشروع نهضوي، لا تكفي المؤسسات ولا القوانين ولا الموارد، ما لم تكن هناك بنية أخلاقية داخلية تحكم الفعل، وتمنح السلوك العام بوصلة معنوية.

فالدولة لا تُقاس فقط بما تُنظمه من سلطات، بل بما تُجسّده من قيم، وما تُشيّده من معايير يُجمع عليها الناس بوصفها مرجعية مشتركة للسلوك، والتفكير، والانتماء.

لقد عاشت سوريا عقودًا تحت نظام دمّر البنية القيمية من داخلها:

  • شوّه مفاهيم الشرف والكرامة،
  • ربط الأخلاق بالولاء،
  • وصنع نموذجًا إنسانيًا مفرغًا من الشعور بالمسؤولية أو الانتماء أو الضمير.

ثم جاءت الحرب، فمزّقت ما تبقى من المعايير، وغابت الحدود بين الجريمة والمصلحة، بين الشجاعة والتهور، وبين التضحية والاستثمار،

وبات السوري يعيش في فراغ قيمي فادح، لا تحكمه قواعد واضحة، ولا يحميه نسيج أخلاقي مشترك.

من هنا، فإن إعادة بناء المجتمع السوري لا تبدأ من فوق، بل من القاعدة القيمية:

كيف نُعيد إحياء منظومة أخلاق مدنية تشجّع المشاركة بدل الخضوع، والمساءلة بدل الانقياد، والعيش المشترك بدل الانغلاق؟
وكيف نُعيد الاعتبار إلى مفاهيم نُهبت من داخلها: العدالة، القدوة، الكرامة، العمل، والانتماء؟

يأتي هذا الباب ليعالج تلك الأسئلة من زوايا خمس:

  1. الأخلاق المدنية،
  2. العقد القيمي الجديد،
  3. العدالة الرمزية،
  4. القدوة الوطنية،
  5. قيم العمل والمواطنة الإنتاجية.

وهو باب جوهري في المشروع، لأنه يضع حجر الأساس لبناء مواطن سيادي بمعناه الأخلاقي، لا القانوني فقط، قادر على أن يُنتج، ويحاسب، ويحلم، ويصون الدولة من داخلها.