web analytics
القسم السادس – الباب الثاني

الباب الثاني التنمية والسيادة الاقتصادية والثقافية

مقدمة:

(من التبعية والنهب إلى إعادة إنتاج الموارد والمعنى في مشروع الدولة)           

حين يُقال “سيادة الدولة”، غالبًا ما تُختزل في مظاهر السياسة والعسكر، ويُغفل أن السيادة الحقيقية لا تُقاس فقط بالعلم المرفوع على الحدود، بل بمدى تحكُّم الدولة بمواردها، وقدرتها على إنتاج المعرفة، وصياغة اقتصاد مستقل، وبناء هوية ثقافية جامعة تحصّن المجتمع من التبعية والانقسام.

في سوريا، لم يكن الاقتصاد يومًا رافعة للسيادة، بل تحوّل إلى أداة للنهب والمحسوبية، تُديره شبكات الفساد المرتبطة بالنظام أو النافذين، لا المؤسسات.

كما لم تكن الثقافة وسيلة لبناء الوعي أو تعزيز الانتماء، بل حُوصرت بين الرقابة والتدجين، أو وُظِّفت لتجميل السلطة وتبرير القمع.

ولذلك، فإن الحديث عن التنمية والسيادة لا يمكن أن ينفصل عن المشروع النهضوي، لأن دولة لا تُنتج اقتصادًا وطنيًا عادلًا، ولا تُحرر ثقافتها من الاستلاب، ولا تُفعّل مواردها البشرية والمعرفية، هي دولة هشة، مهما بدت قوية على الورق أو في الشعارات.

التنمية هنا ليست فقط تحسين المؤشرات، بل استعادة الإنسان لفاعليته؛
والاقتصاد ليس فقط السوق، بل إعادة تنظيم التوزيع والملكية والعدالة؛
والثقافة ليست ترفًا، بل بنية مقاومةٍ للسلطوية والتبعية والانقسام.

يأتي هذا الباب ليفكك منظومة النهب التي بُني عليها الاقتصاد السوري، ويضع أسسًا بديلة لاقتصاد سيادي منتج، ويقترح مداخل لإعادة الاعتبار للثقافة كأداة من أدوات بناء الدولة، لا كزينة دعائية أو حقل مراقبة.

فلا سيادة دون إنتاج،
ولا استقرار دون عدالة توزيع،
ولا نهضة دون استقلال معرفي وثقافي.

 

القسم السادس - فصول الباب الثاني: التنمية والسيادة الاقتصادية والثقافية