web analytics
القسم الثامن – الباب الأول

خاتمة الباب الأول بناء السلطة السيادية

من التنظير إلى البنية المؤسسية

إن تأسيس الدولة لا يبدأ من الأعلى فحسب، بل من تحديد طبيعة السلطة ذاتها: من أين تستمد شرعيتها، كيف تُمارس وظائفها، وما هي حدودها البنيوية والوظيفية. ولهذا جاء هذا الباب كحجر الأساس في البناء المؤسسي للنهضة السورية، إذ أعاد تعريف السلطة لا كاحتكار أو تسلّط، بل كأداة إدارة خاضعة للقانون، قائمة على التكامل بين ثلاثة أجهزة مستقلة: التنفيذ، التشريع، والقضاء.

لقد قمنا بإرساء بنية تنفيذية وظيفية تستمد فاعليتها من الإرادة الشعبية لا من التسلّط، وبنينا سلطة تشريعية تُمثّل المجتمع لا تتحكم به، وشكّلنا سلطة قضائية تحكم باسم القانون لا باسم الحاكم. كما صُممت العلاقات بين هذه السلطات على أساس التوازن الحي، لا الفصل الميكانيكي، منعًا لأي تغوّل أو شلل مؤسسي.

لكن بناء السلطة ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة لضمان الحقوق، وصيانة الكرامة، وتحقيق العدالة. ومن هنا، ننتقل الآن إلى الباب الثاني، حيث نؤسس المنظومات الحقوقية–القانونية الضرورية لتفعيل العدالة الانتقالية، واستعادة الثقة، وبناء سيادة قائمة على احترام الإنسان لا على إخضاعه.