web analytics
القسم الثامن – الباب الثاني 

الباب الثاني منظومات الحماية الحقوقية والعدالة الانتقالية

مقدمة

تُقاس شرعية أي نظام سياسي لا فقط بمدى قوته أو قدرته على فرض النظام، بل بمدى التزامه بحماية الحقوق وصيانة الكرامة الإنسانية، خاصة في السياقات الخارجة من النزاع والانهيار.

وفي الحالة السورية، حيث تآكلت شرعية القانون، وتحوّلت أجهزة الدولة إلى أدوات قمع، وأُخضِع الإنسان لعقود من الإذلال المؤسسي، فإن بناء الدولة لا يمكن أن يكتمل دون هندسة منظومة حقوقية وعدلية شاملة، تعيد الاعتبار لفكرة المواطنة، وتجعل من العدالة حجر الزاوية في التأسيس الجديد.

هذا الباب لا يطرح العدالة الانتقالية بوصفها مجرد آلية قانونية لمعالجة الماضي، بل باعتبارها أداة سياسية وأخلاقية لتأسيس المستقبل، تتداخل فيها:

المحاسبة مع المصالحة،

الإنصاف مع الاستقرار،

الذاكرة مع البناء المؤسسي.

وفي الوقت ذاته، يُطرح مفهوم الحماية الحقوقية ليس كترف دستوري، بل كجهاز دائم داخل الدولة، يضمن ألا تتحوّل السلطة من جديد إلى مصدر تهديد. ومن هنا تتكامل في هذا الباب:

العدالة الانتقالية بوصفها معالجة للجرائم والانتهاكات؛

مفوضيات الحقوق بوصفها أدوات رقابة ومساءلة مستمرة؛

النظام القضائي الإداري كأول قناة للمواطن في وجه السلطة.

نحن لا نؤسس هنا لمسار جنائي انتقامي، بل لمسار عدلي–سياسي يعيد تنظيم العلاقة بين المواطن والدولة على أساس المساواة، الكرامة، والحق المشروع في الانصاف.

 

 

القسم الثامن - فصول الباب الثاني: منظومات الحماية الحقوقية والعدالة الانتقالية