مقدمة القسم التاسع

القسم التاسع السياسات الوطنية وتفعيل العقد الاجتماعي

من النص إلى الإنجاز السيادي

مقدمة

ليست النهضة فعلًا شعريًا ولا طموحًا نظريًا، بل هي في جوهرها التحوّل المنهجي من الفكرة إلى البنية، ومن الإرادة إلى الإنجاز، ومن العقد الاجتماعي المأمول إلى السياسات السيادية القابلة للتطبيق.

لقد أمضينا في الأقسام السابقة رحلة تأسيسٍ فلسفية، بنيوية، معرفية، وتشريحية، خضنا خلالها تفكيك المعضلات العميقة التي أنتجت الانهيار السوري، وطرحنا مشروعًا بديلًا يعيد تعريف الدولة، والإنسان، والمجتمع، والسلطة، على أسس سيادية وعقلانية وإنسانية جديدة.

ثم بَنينا، على هذه الرؤية، العقد الاجتماعي السوري الجديد، كتصوّر جامع يعيد توزيع السيادة على المواطن، ويستبدل منطق الهيمنة بمنطق الشراكة، وينقلنا من حكم الأمر الواقع إلى حكم الرضى العام المستند إلى الشرعية الشعبية والعدالة الشاملة.

غير أن العقد الاجتماعي – مهما بدا ناضجًا على مستوى النص والرؤية – يظل معلقًا في الفراغ ما لم يُترجم إلى سياسات تنفيذية سيادية، تمس حياة الناس، وتعيد بناء الثقة، وتُنجز الوعود التي حملها النص المؤسس، وتتحوّل إلى مؤسسات وأفعال وممارسات قابلة للقياس والمساءلة.

ومن هنا، يأتي هذا القسم ، لا ليكون مجرد ملحقٍ إداري، بل ليشكّل اللبنة العملية الحاسمة في مسار النهضة السورية، حيث يتم تحويل الفلسفة إلى برنامج حكم، والكرامة إلى سياسات اجتماعية، والسيادة إلى خطة اقتصادية، والانتماء إلى ممارسات يومية.

يمتاز هذا القسم بخاصية مركبة:

فهو استراتيجي–تنفيذي: إذ يرسم خطوط السياسات الكبرى، لا بوصفها وعودًا انتخابية أو خططًا حكومية متبدلة، بل بوصفها الترجمة السيادية لعقد جامع.

وهو تكاملي–تركيبي: لأنه يجمع بين ما هو سياسي، وما هو اجتماعي، وما هو خدماتي، وما هو رمزي–ثقافي، ليقدّم بنية متكاملة تعكس الدولة الجديدة التي نؤمن بها.

وهو واقعي–تدريجي: لأنه لا يطلب من الدولة أكثر مما تستطيع، بل يُراكم المنجزات الممكنة على أرضية وعي شامل للظرف السوري وخصوصيته.

وعليه، تتوزع فصول هذا القسم على خمسة أبواب رئيسية:

من السيادة السياسية إلى إعادة تعريف المواطنة والهوية والانتماء.

من المصالحة الرمزية إلى إعادة الاندماج العملي للمجتمع المفكك.

من الاقتصاد الريعي إلى إنتاج الثروة الوطنية المستقلة.

من الخدمات المنهارة إلى العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية.

من الاستنزاف والتفكك الرمزي إلى الاستدامة والذاكرة والنهضة.