القسم التاسع – الباب الأول
خاتمة الباب الأول
نحو إعادة تعريف الوطن – السيادة كهوية لا كواجهة
انتهى هذا الباب لا بوصفه معالجة لمفاهيم نظرية، بل بوصفه حفرًا في الجذر السيادي للوجود السياسي السوري.
لقد حاولنا أن نعيد للهوية معناها بعد أن اختزلت في الطائفة أو الحزب، وأن نمنح المواطنة مضمونها بعد أن حوّلتها الدولة القديمة إلى أداة طاعة، وأن نرسم للسياسة الخارجية أفقها السيادي بعد أن أصبحت ساحة ارتهان، وأن نعيد تعريف الشرعية على قاعدة الرضى، لا الغلبة، والمشاركة لا التوريث.
وفي كل فقرة من هذا الباب، كنا نؤكد أن السيادة ليست حالة قانونية، بل حالة شعورية جماعية، لا تولد إلا حين يشعر الإنسان أن هذه الأرض أرضه، وهذه الدولة دولته، وأن هذه السلطة تمثّله لا تُقصيه، تخدمه لا تتحكم به، تحاوره لا تستثمر صمته.
ولذلك، فإن كل السياسات الوطنية اللاحقة – من المصالحة إلى التنمية، ومن العدالة إلى الاستدامة – لا يمكن أن تثمر ما لم تُبنَ على قاعدة سيادية صلبة تبدأ من هنا:
من إعادة بناء المعنى السياسي للدولة السورية، على أساس الإنسان الشريك، لا الرعية المنصاعة.
ومن هذا الأساس، ننتقل إلى الباب الثاني، حيث نواجه السؤال الأصعب:
هل يمكن لمجتمع مجروح، مفكك، مليء بالمآسي والشكوك، أن يُعاد لحمه من جديد؟
وهل يمكن للعدالة أن تُترجم إلى مصالحة، لا إلى نسيان؟
وهل تستطيع الدولة السيادية أن تضمّد الجراح، لا أن تضعها تحت السجادة؟
نحو ذلك، نتابع.