القسم التاسع – الباب الثاني
خاتمة الباب الثاني
من الندوب إلى الوطن – المصالحة بوصفها فعلًا سياديًا وإعادة تأسيس للمعنى
لا يُبنى الوطن من الطين والإسمنت، بل من الثقة.
ولا تولد الدولة من النصوص، بل من العلاقات التي تربط ناسها بمصيرهم المشترك.
لقد حاول هذا الباب أن يُعيد بناء ما هُدِّم داخل المجتمع السوري، لا عبر إنكار الجراح، بل عبر تفكيكها، والاعتراف بها، والسير من خلالها نحو وطن قابل للعيش المشترك.
فالمصالحة الوطنية، كما طُرحت هنا، ليست إجراء إداريًا، ولا صفقة بين خصوم، ولا ملفًا مؤجلًا.
بل هي قلب العقد الاجتماعي الجديد:
– لحظة تعترف فيها الدولة الجديدة بماضيها لا لتسكنه، بل لتتجاوزه.
– ومسار تُعالَج فيه الجريمة دون تسطيح، وتُدمَج فيه الهوية دون إقصاء، ويُسترد فيه المنفيون لا كأرقام، بل كركائز.
إننا لا نتحدث عن طيّ صفحة، بل عن كتابة الصفحة التالية من دون إنكار الأولى.
لا تُبنى السيادة السياسية فوق رماد الضحايا، ولا فوق المخيمات المنسية، ولا فوق الخوف من التنوّع.
بل تُبنى حين تعلن الدولة بوضوح:
أنا لا أخاف من مَن ظلمني، بل أخاف من أن أُشبه من ظلمه.
أنا لا أريد السيطرة، بل الثقة.
ولا أريد حكمًا مطلقًا، بل وطنًا يَشعر كل مَن فيه أنه مالك له، مهما اختلف، أو ابتعد، أو كُسرت فيه الذكرى.
في هذا الباب، وضعنا اللبنات الإنسانية–السياسية لبناء وطنٍ يُسامح لا لينسى، يُدمج لا ليذوّب، يستعيد لا ليحاصر، يُنصِف لا ليتبرّأ.
والآن، وقد أعدنا توصيل ما تقطّع من خيوط النسيج المجتمعي، ننتقل إلى ما يتطلبه استكمال البناء:
السياسات الاقتصادية والتنموية الكبرى، التي تعيد للدولة جسدها، بعد أن استعدنا روحها.