Page 3 - The Syrian Renaissance and Post-Despotism State-Building Project
P. 3
كلمة المؤلف
في لحظة تتداعى فيها المعاني ،وتتآكل فيها المفاهيم ،وتكاد تنهار فيها آخر جسور المعقول في
وطني،
أدركت أن الصمت لم يعد خيا ًرا ،وأن انتظار المعجزة لم يعد إلا ضربًا من العجز المقنّع.
هذه الدراسة التي بين يديك لم تولد في مختبر سياسي ،ولا في عزلة أكاديمية،
بل تش ّكلت على نار التجربة ،وعلى رماد الألم ،وعلى قلق السؤال الذي لم يهدأ يو ًما:
كيف يمكن أن نستعيد سوريا؟ لا كحدو ٍد وجغرافيا ،بل كمعنى ورسالة ومشروع نهضوي حي؟
حين كتبت هذه الفصول ،لم أكن أكتب تحليًًل حياديًا ولا سردًا نظريًا،
بل كنت أسير فوق ركام المدن المدمرة ،وأحمل على ظهري أثقال المجازر والنكبات والخذلان.
كنت أبحث في كل فكرة عن بذرة خًلص ،وفي كل جملة عن مسار نحو السيادة ،وفي كل تحليل عن
فرصة لإعادة بناء الإنسان السوري الحر.
مشروع "النهضة وبناء الدولة السورية ما بعد الاستبداد" ليس نتاج بح ٍث عابر،
بل ثمرة قناع ٍة عميقة أن الوطن لا يُستعاد بالشعارات ،ولا بالرهان على الخارج ،ولا بإعادة إنتاج
الماضي،
بل يُستعاد ببناء وعي جديد ،وفكر جديد ،ومؤسسات جديدة ،تستند كلها إلى الإنسان كقيمة مطلقة غير
قابلة للمساومة.
أضع بين أيديكم هذا الجهد المتواضع ،لا باعتباره نهاية طريق،
بل كمساهمة مفتوحة لحوار طويل وضروري حول معنى الوطن ،وحول شروط النهضة ،وحول
استحقاقات الحرية.
آمل أن يقرأ القارئ هذه الصفحات بقل ٍب حر ،وعق ٍل نقدي ،وإرادة صلبة،
تما ًما كما ُكتبت :بشغف الحقيقة ،ووجع السؤال ،وإيمان لا يتزعزع أن سوريا تستحق الحياة.
شادي عادل الخش
3|Page