web analytics
القسم السادس عشر – الباب الثاني

الفصل التاسع المسار الدستوري التشاركي

نحو عقد سيادي جامع

مقدمة الفصل

لا تستقيم الدولة دون عقد دستوري واضح، ولا يكتمل مشروع النهضة دون دستور يؤسّس الشرعية، ويُقيّد السلطة، ويضمن الحقوق، ويُترجم الميثاق إلى بنية قانونية مُلزمة.

لكن الدستور، في مشروعنا، لا يُصاغ خلف الأبواب المغلقة، ولا يُنسَخ من تجارب سابقة، ولا يُفرض كأمر واقع،
بل يُنتج عبر مسار تشاركي وطني جامع، يضمن التمثيل، ويصون التعدد، ويجعل من النص الدستوري تعبيرًا حقيقيًا عن إرادة السوريين وهويتهم السياسية والأخلاقية الجامعة.

أولًا: تأسيس الهيئة الوطنية للمسار الدستوري

  • تُشكَّل “الهيئة الوطنية للمسار الدستوري” بتفويض من مجلس السيادة، وتتكوّن من:
    • ممثلين عن كافة المحافظات.
    • خبراء دستوريين وقانونيين مستقلين.
    • شخصيات مجتمعية وفكرية من خارج منظومة الحكم.
    • ممثلين عن الشتات والمجتمع المدني.
  • لا يملك أي فصيل سياسي أو أمني أو حكومي حق التفرّد بتسمية أعضائها أو توجيهها.

ثانيًا: مبادئ صياغة العقد الدستوري

  • الميثاق هو المرجعية العليا والروح الحاكمة لكل صياغة دستورية.
  • تُبنى الصياغة على قواعد:
    • السيادة الشعبية لا التفويض الأبوي.
    • المواطنة الكاملة لا الامتيازات الخاصة.
    • الحقوق فوق السلطات لا العكس.
    • التداول والرقابة كقواعد، لا كاستثناءات.
  • يجب أن يكون الدستور قابلًا للمساءلة، مرنًا للتعديل بالمراجعة الواسعة، لكنه محصّن ضد النزعات الاستبدادية والانفرادية.

ثالثًا: خطوات المسار التشاركي

  1. إطلاق حوار وطني موسّع
    • يُفتح باب النقاش العام حول المبادئ الدستورية، عبر لقاءات مناطقية، منتديات، استبيانات، ومداخلات من الشتات.
  2. صياغة المسودة الأولى
    • تُكتب من قِبل لجان تخصصية تتبع للهيئة الوطنية، وتُعرض علنًا لتلقي الملاحظات.
  3. نقاش المسودة في مؤتمر دستوري وطني عام
    • يُعقد بحضور ممثلين عن كافة الشرائح المجتمعية، وتُطرح خلاله البنود الخلافية للنقاش العام.
  4. إجراء استفتاء شعبي على النص النهائي
    • يُقدَّم النص النهائي للاستفتاء العام، ويُقرّ فقط بأغلبية شعبية واضحة.

رابعًا: ضمانات النزاهة والتمثيل والتعدد

  • تُشرف هيئة محايدة على عملية الصياغة، وتُمنع أي جهة تنفيذية من التدخل فيها.
  • تُضمَن مشاركة المرأة، والأقليات، والضحايا، وممثلي المناطق المحرومة تاريخيًا، لضمان شمولية العقد.
  • تُنشأ منصّة إلكترونية رسمية مفتوحة للمشاركة الشعبية، تُوثّق كافة مراحل المسار وتُتيح التعبير والنقد.

خامسًا: وظيفة الدستور بعد الإقرار

  • لا يُعدّ الدستور نهاية المسار، بل بدايته القانونية.
  • يُقرّ في أعقابه الجدول الانتخابي الرسمي، وتُنظّم انتخابات نيابية ورئاسية وفق نصوصه.
  • تُحلّ كل السلطات الانتقالية خلال 12 شهرًا من إقرار الدستور، ويبدأ العمل تحت سلطته مباشرة.
  • يُفعّل دور المحكمة الدستورية العليا لمراجعة توافق القوانين والقرارات مع الدستور الجديد.

خاتمة الفصل

في هذا الفصل، لم نرسم دستورًا، بل رسمنا طريق إنتاجه،

لا بوصفه نصًّا قانونيًا فحسب، بل عقدًا أخلاقيًا سياديًا يُعلن ميلاد الجمهورية السورية الجديدة، لا كسلطة، بل كشرعية.