web analytics
القسم الثامن – الباب الخامس

الفصل العشرون هيئة الأركان المشتركة

تنظيم الجيش السيادي

مقدّمة تمهيدية:

في كل دولة حقيقية، لا تكون القوة العسكرية مصدر السلطة، بل أداتها.
أما في سوريا، فقد تم اختطاف الجيش وتحويله إلى أداة حكم، لا إلى مؤسسة وطنية. حُوصر في العقيدة الحزبية، وسُيّس في التعيينات، وتشوّه في تركيبته المناطقية والطائفية، وتمّ استخدامه في الداخل أكثر مما وُظف لحماية الحدود.

لذلك، فإن تأسيس هيئة أركان مشتركة جديدة لا يعني فقط إعادة تنظيم الجيش، بل إعادة بناء العقيدة العسكرية من الجذر، بوصفها عقيدة سيادية–دستورية، تُحوّل الجيش إلى حارس للشرعية، لا شريكًا فيها.

أولًا: مفهوم هيئة الأركان في الدولة الجديدة

هيئة الأركان المشتركة ليست مجرد جهاز قيادة، بل هي العقل العملياتي والتنظيمي للقوات المسلحة، تعمل بتفويض قانوني واضح، وترتبط بقيادة مدنية منضبطة، وتُنفذ مهامها ضمن حدود الدستور والسيادة الوطنية، دون خضوع لأهواء سياسية أو اصطفافات فئوية.

ثانيًا: التكوين التنظيمي للهيئة

  1. رئيس هيئة الأركان:

أعلى منصب عسكري مهني في الدولة؛

يُعيَّن بمرسوم رئاسي من بين الضباط الأعلى رتبة، بناءً على ترشيح لجنة تقييم عسكرية–مدنية مستقلة؛

يُمنع أن يكون منتمياً سياسيًا أو طائفيًا أو من أصحاب الولاءات السابقة للنظام أو أجهزة الأمن.

  1. الدوائر الرئيسية للهيئة:

دائرة العمليات والتخطيط الاستراتيجي؛

دائرة التدريب والجاهزية القتالية؛

دائرة التنظيم الإداري والانضباط؛

دائرة شؤون الأفرع والتشكيلات؛

دائرة العلاقات الدولية والتعاون الدفاعي؛

دائرة مراقبة الأداء والامتثال للعقيدة الوطنية.

  1. الهيكل الوظيفي:

تعمل الهيئة كجهاز تنسيق مركزي بين جميع فروع القوات المسلحة (البرية، الجوية، البحرية، الدفاع الجوي، الخدمات المشتركة)؛

تُوَزَّع الصلاحيات ميدانيًا على قيادات المناطق الدفاعية، ضمن استراتيجية موحدة خاضعة للقيادة العليا.

ثالثًا: مبادئ بناء الجيش السيادي

العقيدة الوطنية الخالصة: الجيش يدافع عن الأرض والدستور، لا عن سلطة أو حزب أو طائفة.

المهنية المطلقة: لا يُسمح بأي نشاط سياسي داخل الجيش، ولا يُعيَّن أي قائد على أساس الولاء الشخصي.

التوازن الجغرافي: تُمنع التكتلات المناطقية والطائفية داخل التشكيلات العسكرية.

خضوع كامل للقانون المدني: يُحاسب أفراد الجيش أمام القضاء عند تجاوز القانون، ولا يُمنح أحدهم حصانة فوق الدستور.

الشفافية في البناء والتمويل: تُعلن موازنة الجيش، ويُحدَّد قوامه بقرار سيادي خاضع للرقابة البرلمانية.

رابعًا: الخطة الوطنية لإعادة بناء الجيش

حلّ جميع الفرق العسكرية المتورطة في الجرائم والانتهاكات، وإحالة المسؤولين عنها إلى القضاء؛

إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وفق تقييم علمي وحقوقي يشرف عليه مدنيون مختصون بالشؤون الدفاعية؛

فتح باب الانتساب للجيش ضمن معايير مهنية، ونظام انتقاء صارم خالٍ من المحسوبيات؛

إطلاق “برنامج التأهيل الوطني” للضباط وصف الضباط، مدته سنتان، يعيد تأطيرهم وفق العقيدة السيادية؛

إنشاء أكاديمية عسكرية سيادية جديدة، ترتبط دستوريًا بمفهوم “الجندية في خدمة الوطن” لا النظام.

خامسًا: العلاقة بين هيئة الأركان والمؤسسات الأخرى

تتبع الهيئة إداريًا لوزارة الدفاع، وعملياتيًا لرئاسة الدولة، وفق تفويض محدد بالدستور؛

لا تتدخّل في السياسة، ولا يُسمح لها بإبداء مواقف عامة أو تنفيذ مهام أمن داخلي؛

تُشارك في مهام الدفاع المدني والطوارئ بإذن من البرلمان، وتُرفع تقاريرها مباشرة إلى مجلس الأمن الوطني والمجلس التشريعي.

سادسًا: ضمانات الرقابة والمساءلة

لجنة دفاع برلمانية خاصة تُراجع خطط الهيئة وتُشرف على تنفيذها ضمن المعايير الدستورية؛

ديوان مراقبة الأداء العسكري، يتكوّن من ضباط متقاعدين وقضاة، يُراجعون الامتثال للعقيدة الوطنية والانضباط؛

مفوضية حقوق الإنسان تمتلك صلاحية زيارة الثكنات العسكرية وتقييم ظروف الخدمة والانضباط والحقوق.

المحكمة العسكرية العليا تُفصل عن سلطة الجيش وتخضع لمجلس القضاء الأعلى المدني.

خاتمة الفصل:

ليست هيئة الأركان مجرّد إدارة للجيش، بل هي الضامن الأكبر لعدم انحراف القوة عن السيادة، ولتحصين الوطن من الانهيار، دون أن تتحوّل إلى دولة داخل الدولة.

وبتأسيس هذه الهيئة، نعيد للجيش معناه: أداة دفاع، لا أداة إخضاع؛ مؤسسة شرف، لا تراتبية قمع؛ وركيزة وطنية، لا حارسة لطغيان.