القسم السادس عشر – الباب الثاني
الفصل العاشر الرقابة والمساءلة خلال المرحلة الانتقالية
مقدمة الفصل
في المرحلة الانتقالية، لا تُقاس نجاعة الدولة فقط بقدرتها على اتخاذ القرار أو تثبيت المؤسسات، بل بمدى خضوعها للمساءلة، وانكشافها أمام رقابة المجتمع، وشفافية سلوكها السياسي والإداري. فالسلطة التي لا تُراقب تُفسد، والدولة التي لا تُحاسب تتحوّل إلى نسخة محدثة من الاستبداد، مهما بدت شعاراتها جديدة.
ولهذا، يُخصص هذا الفصل لترسيخ منظومة رقابية مستقلة، فعالة، متعددة المستويات، تضمن أن تكون كل مؤسسة خاضعة للفحص الدوري، وكل مسؤول خاضع للمحاسبة، وكل قرار قابلًا للنقد العلني.
أولًا: دور الهيئات الرقابية المستقلة
- تُنشأ خلال المرحلة الانتقالية “الهيئة العليا للرقابة والمساءلة”، بصلاحيات واسعة لمراجعة أداء السلطات الثلاث، وتدقيق موازناتها، وتلقي الشكاوى من المواطنين.
- تُمنح هذه الهيئة صلاحية التحقيق، والاستدعاء، والإحالة إلى القضاء، مع ضمان استقلالها عن الحكومة والمجلس السيادي.
- تُنشأ فروع محلية تابعة لها في المحافظات، لتفعيل الرقابة اللامركزية وتيسير الوصول إليها.
ثانيًا: الإعلام والشفافية
- يُعترف بالإعلام بوصفه سلطة رقابية موازية، تُمارس دورًا في كشف التجاوزات، وتعزيز ثقافة المساءلة.
- تلتزم الحكومة الانتقالية بعقد مؤتمرات صحفية دورية، ونشر تقارير أدائها، وإتاحة الوصول إلى المعلومات العامة.
- تُمنع أي إجراءات تقييدية على الإعلاميين أو المؤسسات الإعلامية، طالما لم تمسّ بالأمن العام أو الحقوق الفردية.
ثالثًا: المجتمع المدني كطرف سيادي في الرقابة
- يُمنح المجتمع المدني حقّ المشاركة في الرقابة من خلال “مجلس رقابة مجتمعية” يضم ممثلين عن النقابات، الجمعيات، المبادرات الشعبية، والمجالس المحلية.
- يُخوّل المجلس بإصدار تقارير تقييم دورية، تُرفع إلى الهيئة العليا للرقابة، وتُنشر علنًا.
- تُنظم جلسات استماع شعبية في المناطق لمتابعة أداء المسؤولين المحليين ومساءلتهم أمام قواعدهم الاجتماعية.
خاتمة الفصل
الرقابة ليست خصومة مع الدولة، بل ضمانة لنجاتها، والمساءلة ليست فعلًا عدائيًا،
بل شرطٌ لاستمرار الشرعية وفي المرحلة الانتقالية، يصبح المجتمع بكل أطرافه – إعلامًا، ومؤسسات مدنية، وهيئات مستقلة – هو الحارس الفعلي على المعنى، والمراقب اليقظ لأي انحراف عن النهضة المنشودة.