web analytics
القسم السادس عشر – الباب الرابع

الفصل التاسع عشر الرموز الوطنية والهوية الثقافية

السيادة في الوجدان الجمعي

مقدمة الفصل
لا تكتمل الدولة دون رموز تمثلها، ولا تترسخ السيادة ما لم تجد تعبيرها في الوعي والذاكرة واللغة والصورة.
فالراية، والنشيد، واللغة، والمناسبات، ليست تفاصيل بروتوكولية، بل أركان في بناء الانتماء وصياغة معنى الوطن.

في سوريا الجديدة، لا تُترك الرموز للصدفة أو للإرث المشوّه، بل يُعاد تعريفها وفق رؤية تعكس القيم الجديدة: الحرية، الكرامة، التعدد، والانتماء للجماعة الوطنية لا للطائفة أو للحزب أو للعائلة الحاكمة.

أولًا: إعادة صياغة الرموز السيادية للدولة

  • العَلَم الوطني: يُعاد تصميم العلم السوري عبر هيئة فنية–سياسية وطنية، تعكس عناصر النهضة، وتحترم التعدد، دون انغلاق على رمزية النظام السابق أو المعارضة العسكرية.
  • النشيد الرسمي: يُطرح نص جديد للنشيد الوطني يتضمن القيم التأسيسية للميثاق، ويُكتب بلغة عربية جامعة، يمكن ترجمتها إلى لغات المكونات الثقافية دون تشويه للهوية.
  • الشعار الرسمي: يُصمّم رمز سيادي يجمع بين عناصر الأصالة والمعاصرة، ويُحوِّل فكرة الدولة من صورة الأسد أو السيف، إلى رموز الحياة، التشارك، والسيادة الشعبية.

ثانيًا: حماية اللغة والثقافة كمساحة سيادية

  • اللغة العربية تبقى اللغة الرسمية للدولة، مع الاعتراف الدستوري باستخدام اللغات الأخرى في مناطقها الثقافية (الكردية، السريانية، الأرمنية…).
  • تُدرّس اللغات المحلية كمادة اختيارية في المدارس، ويُسمح باستخدامها في الإعلام والتعليم المحلي.
  • تُؤسس “الهيئة الوطنية لحماية التنوع الثقافي”، مهمتها دعم الإنتاج الثقافي للمكونات، وتمويل المبادرات الأدبية والفنية بلغات المجتمعات المحلية.

ثالثًا: بناء سردية وطنية جامعة

  • تُعاد كتابة تاريخ سوريا في مناهج التعليم على أساس الحقيقة، لا على أساس الانتصار الرسمي أو الإنكار الأيديولوجي.
  • تُوثّق ذاكرة الانتهاكات والانقسامات ضمن متاحف ومراكز توثيق وطنية، تُمكّن من التعلّم لا من إعادة إنتاج الكراهية.
  • تُدرّس فلسفة الميثاق بوصفها الإطار القيمي الجديد لبناء الانتماء، وتُدمج في المناهج الجامعية والمدرسية ضمن مواد التفكير النقدي والتاريخ السياسي.

رابعًا: المناسبات الرسمية كمساحات للتعبير الجماعي

  • يُلغى التقويم الاحتفالي الرسمي للنظام السابق، وتُستبدل المناسبات المؤدلجة بأيام وطنية تعكس قيم النهضة:
    – يوم الميثاق الوطني.
    – يوم الاستقلال الحقيقي (ما بعد الاستبداد).
    – يوم الشهداء والمختفين قسرًا.
    – يوم الوحدة المدنية.
  • تُحوّل المناسبات إلى فضاءات إبداعية حرة (مهرجانات، معارض، حوارات)، لا إلى طقوس تمجيد فارغة أو مسيرات إجبارية.

خامسًا: حماية الرموز من التوظيف السلطوي

  • تُجَرّم إساءة استخدام الرموز الوطنية في الترويج السياسي لأي فئة أو سلطة.
  • يُمنع إلزام المواطنين بتأدية شعائر رسمية كشرط للوظيفة أو التعليم أو الخدمة العامة.
  • تُفعل هيئة “حماية الرمزية الوطنية” لمراقبة تمثيل الدولة بصريًا ولفظيًا وثقافيًا، وتمنع إعادة إنتاج عبادة الفرد أو التمجيد الأيديولوجي.

خاتمة الفصل
الرموز ليست بديلاً عن السيادة، لكنها التعبير الأوضح عنها.

وفي سوريا الجديدة، لا نبحث عن صور جديدة لماضٍ مهترئ، بل عن معنى جديد لوطن يتكلم لغة جميع أبنائه، ويُغني ذاكرته برموز تعبّر عن الحياة لا عن القمع.

إنها لحظة ولادة رمزية لا تقل أهمية عن ولادة المؤسسات:
فكما نؤسس القضاء والإدارة، نؤسس اللغة والصورة والوجدان العام على أسس من الكرامة والوعي والانتماء.