القسم الرابع عشر – الباب الثاني
خاتمة الباب الثاني
التقييم الأخلاقي والنهضوي للمشروع
لقد أعاد هذا الباب الاعتبار للبعد الأخلاقي بوصفه جوهرًا مؤسسًا في بنية الدولة الجديدة، لا مجرد قيمة رمزية أو خطاب تجميلي. فمشروع النهضة، كما أُريد له، لا يقوم على الإنجاز الميكانيكي، ولا يكتفي بإحصاءات النجاح، بل يُبنى على فهم عميق لمسؤولية الدولة تجاه كرامة الإنسان، وعدالة القرار، ونزاهة الفعل العام.
لقد وُضعت القيادة في موقع المساءلة، لا التقديس. ووُضع المواطن في موقع الرقيب، لا المتلقي. وأُعيد تعريف الإعلام والتربية والمؤسسات المجتمعية بوصفها أدوات سيادية لمراجعة السلطة لا لخدمتها. وبهذا، أصبح الضمير العام هو الميزان، لا فقط النص القانوني أو الخطاب الرسمي.
إن القيمة المضافة لهذا الباب ليست في ما يقترحه من أدوات، بل في ما يُعيد تثبيته من مبادئ: أن الدولة لا تُقاس فقط بما تفعله، بل بكيف تفعله، ولماذا، وبأي أثر تتركه في وجدان مجتمعها.
ومن هنا، يتقدّم مشروع النهضة خطوة أعمق: من الفعل إلى المراجعة، ومن الإنجاز إلى الاعتراف، ومن النجاح الخارجي إلى الشرعية الداخلية المبنية على الصدق والمسؤولية.