القسم التاسع – الباب الرابع
خاتمة الباب الرابع
من الرعاية المؤدلجة إلى الكرامة المؤسسية – الدولة كضامن للحق لا مانح للفضل
انتهى هذا الباب، لكنه لا يُغلق فصلًا في ملف الخدمات، بل يفتح أعمق سؤال في معنى الدولة:
ما الذي تعنيه الدولة إن لم تكن ضامنًا للحق في الحياة الكريمة؟
ما قيمتها إن لم تكن المدرسة مأوى للعقل، والمشفى حارسًا للجسد، والمجتمع ممكِّنًا للشباب، والسياسات حامية للعدالة؟
ما السيادة إن بقي الناس يُعاملون كأرقام؟
وما الكرامة إن لم يشعر المواطن أنه ينتمي إلى دولة تحترم ضعفه، وترافقه في مرضه، وتفتح له الأفق وهو صغير، وتحفظه في شيخوخته؟
لقد عالج هذا الباب جوهر الدولة الحي:
– الدولة التي تُؤسس على العدالة لا على توزيع الرضا،
– وعلى التعليم لا على التلقين،
– وعلى الصحة لا على الامتياز،
– وعلى الشراكة لا على الهيمنة،
– وعلى الشباب لا على إرث الشيوخ.
لم تكن هذه الفصول دعوة لتحسين الخدمات، بل إعادة تعريف لمهمة الدولة نفسها،
فلا قيمة لدولة تعجز عن أن تكون سندًا للإنسان وهو في أضعف لحظاته.
ولا مستقبل لوطن لا يستثمر في عقله، ولا يُنصت لصوته، ولا يُشركه في إنتاج مصيره.
في الدولة الجديدة، لن تكون العدالة الاجتماعية صدقة،
ولا التعليم ممرًا للامتحان،
ولا الصحة رحلة في المذلة،
ولا الشباب مشروع انتظار مؤجل.
بل سيكون كل ذلك نظامًا متكاملًا لإنتاج الإنسان السيادي، المستقل، المُمكَّن، القادر على حمل مشروع النهضة والمشاركة في هندسته.
ومن هنا، ننتقل إلى الباب الخامس، حيث نضع كل ما تم تأسيسه سابقًا ضمن سؤال أعمق:
كيف نصوغ الاستدامة؟
كيف نبني دولة تحمي ذاكرتها وبيئتها وسيادتها الرقمية؟
وكيف نصل في نهاية المسار إلى مفهوم النهضة السورية لا بوصفه حلمًا، بل إرادة قابلة للتجسيد؟