web analytics
القسم الثاني عشر – الباب الثالث

خاتمة الباب الثالث

العلاقات الإقليمية وإعادة التموضع

شكّلت البيئة الإقليمية المحيطة بسوريا ساحةً مفتوحة لتراكم التهديدات وتفاقم الصراعات، لا بسبب الجغرافيا وحدها، بل بفعل غياب سياسة خارجية سيادية تحسن التعامل مع هذا المحيط بحكمة واتزان. لقد تحوّلت العلاقة مع الجوار إلى معادلات انفعالية، خاضعة لمحاور أو مرتهنة لإملاءات، حتى ضاعت سوريا بين طموحات الآخرين، وفقدت القدرة على المبادرة.

أما في ظل الدولة السورية الجديدة، فإن العلاقة مع الإقليم لا تُبنى بوصفها رد فعل، بل كجزء أصيل من مشروع استعادة السيادة. وقد بيّن هذا الباب أن الانفتاح على دول الجوار، من إيران وتركيا إلى الخليج ومصر ولبنان والمغرب العربي، لا يمكن أن يتم دون إعادة تعريف مفهوم الشراكة، وضبط التوازنات، وربط العلاقات بمحددات واضحة: احترام السيادة، تحييد الصراعات، ومنع الاحتلال أو التدخل.

وفي هذه المقاربة الجديدة، تتحرر سوريا من وهم الانغلاق ومن خطر الارتهان معًا، وتنتقل من موقع الساحة إلى موقع الدولة.
ومن الارتباك الإقليمي إلى التموضع المدروس، تُعاد علاقات سوريا مع محيطها، لا بعقلية الانتقام أو الخضوع، بل برؤية مستقلة تبني الجسور، وتحمي الداخل، وتُعيد الاعتبار لوحدة المصير العربي من منظور سيادي ووطني.