القسم الخامس عشر – الباب الثالث
خاتمة الباب الثالث
التوصيات الاستراتيجية لصنّاع القرار والفاعلين المحليين والدوليين
لم تكن هذه التوصيات مجرّد بنود تقنية أو إرشادات إدارية، بل جاءت كمنظومة استراتيجية شاملة تستند إلى جوهر مشروع النهضة، وتُجسّد روحه الأخلاقية والسيادية، وتُترجم مبادئه إلى مسؤوليات موزّعة بوضوح بين الفاعلين كافة، داخل الدولة وخارجها.
لقد خُصّص هذا الباب ليكون صلة وصل بين الرؤية الفلسفية للمشروع، وخارطة تطبيقه الواقعي، عبر تحديد الأدوار، وتثبيت حدود السلطة، وتحميل كل جهة نصيبها من الواجب دون أن يُمنح أحد تفويضًا مطلقًا.
قلنا للحكومة الانتقالية: لا تحكموا باسم الاستثناء، بل باسم الإنسان.
وللمجالس التشريعية: لا تصوغوا قيودًا ناعمة باسم القانون، بل صونوا السيادة عبر التوازن والرقابة.
وللمجتمع المدني: لا تكونوا واجهة للتمويل، بل أداة للضمير العام.
ولأبناء الشتات: أنتم الحضور الممتد لا الذاكرة المنفية.
وللشركاء الدوليين: لا دعم دون احترام السيادة، ولا مساعدة خارج مصلحة الناس.
وللقطاع المعرفي: لا تكونوا زخرفة مؤسسات، بل عقل الدولة وضميرها المراقب.
لقد أُعيد في هذا الباب تعريف مفاهيم الشراكة، والمواطنة، والمعرفة، والدعم، والتمثيل، والسيادة، بوصفها أفعالًا مسؤولة لا ألقابًا رمزية. وكل فصل فيه قدّم رؤية عملية حول كيفية حماية مشروع الدولة الجديدة من لحظة الميلاد حتى لحظة التمكين.
بهذه الخاتمة، لا نُغلق بابًا بل نفتحه على المعنى الأسمى:
إعلان ميثاق النهضة السورية، الوثيقة العليا التي لن تُلخّص ما سبق فقط، بل سترفعه إلى مرتبة الالتزام السيادي، حيث لا تعود الدولة وعدًا، بل عقدًا، ولا يبقى المشروع نظرية، بل يصبح مرجعية أخلاقية–سياسية مُلزِمة لكل من سيتولى أمر سوريا الجديدة.