القسم الثاني عشر – الباب السادس
خاتمة الباب السادس
المجال العربي السيادي الجنوبي – الجنوب السوري بين العدوان والنهضة
لم يكن هذا الباب فصلًا جغرافيًا في الدراسة، بل كان ميدانًا كاشفًا لجدية مشروع النهضة السورية وقدرته على الاشتباك مع أعقد القضايا وأكثرها حساسية. فالجنوب ليس مجرّد منطقة، بل هو اختبار مركّب لثلاثة عناصر جوهرية:
اختبار السيادة في وجه الاحتلالات المتداخلة والمعلنة والمقنّعة.
اختبار الدولة في قدرتها على إعادة تمثيل الأرض والناس ضمن مشروع وطني جامع.
واختبار المجتمع في رغبته وقدرته على رفض التوظيف والانقسام، وبناء بديل متجذّر في المصلحة الوطنية لا في الإملاء الخارجي.
لقد أظهر هذا الباب كيف تحوّل الجنوب إلى نقطة تلاقٍ للمصالح الإسرائيلية والإيرانية والروسية، وسط تفكك داخلي وغياب تمثيل مركزي شرعي، فتحوّل إلى ساحة فراغ، لا ساحة مقاومة، وإلى هامش تفاوضي في صفقات الآخرين، بدل أن يكون خط الدفاع الأول عن كرامة الدولة.
لكن الجنوب، برغم كل ذلك، لم يسقط.
بل احتفظ ببذور الرفض، والمبادرة، والقدرة على إعادة تعريف الانتماء والسيادة، من خلال الحراك الأهلي، والبنى المحلية المستقلة، والتشكيلات التي لم تُبتلع لا من النظام السابق، ولا من المحاور.
ومن هذا الواقع، لا ينبثق “ميثاق الجنوب” كوثيقة دفاعية فقط، بل كـ عقد سياسي جديد يُعيد ربط الأرض بالدولة، ويفتح الباب أمام نموذج يُحتذى على مستوى سوريا كلها
نموذج التمثيل المحلي السيادي، والتحرر من الاحتلال، والتأسيس على الإرادة الشعبية لا على البنادق.
وبهذا، يُقفل هذا الباب وهو لا يعلن فقط خريطة الجنوب، بل يعلن بوضوح:
أن الجنوب ليس تابعًا، ولا مستثنًى،
بل هو نقطة الانطلاق العملية الأولى في مشروع استعادة السيادة الوطنية…
ومن الجبهة الجنوبية، تبدأ الدولة.