web analytics
الكلمة الختامية لكتاب مشروع النهضة

الكلمة الختامية من النص إلى التأسيس ومن الرؤية إلى التحوّل

ليست هذه الدراسة مجرد محاولة للكتابة عن سوريا،
بل رغبة صادقة في أن نكتب سوريا نفسها، من جديد، كما يجب أن تكون، لا كما صارت بفعل الانهيار أو الجبر أو الوراثة أو الارتهان.

لم يكن الهدف من مشروع “النهضة وبناء الدولة السورية ما بعد الاستبداد” أن يُضاف إلى مكتبة الطروحات السياسية أو الفكرية،

بل أن يكون وثيقة سيادية–فكرية–فلسفية–تنموية، تفتح أفقًا تأسيسيًا جديدًا في مسارٍ طويل لم تبدأ مأساته مع الحرب، ولن تُحل بمجرد وقفها.

هذا المشروع لا ينطلق من سلطة، ولا يطلب سلطة، بل يطرح سؤالًا وجوديًا جامعًا:
كيف يمكن لأمة أن تُبعث من رماد الفقد والانهيار والتشظي، بشرط أن تُعيد إنتاج ذاتها من فكرها، ومن وعيها، ومن مشروعها، لا من فتات النماذج المستوردة؟

لقد سعى هذا المشروع إلى تقديم رؤية متكاملة شديدة الجذرية والواقعية في آن معًا. فهو:

  • يُفكك البنية العميقة لانهيار الدولة والمجتمع والسيادة، من لحظة الاستقلال إلى لحظة الانفجار.
  • يُعيد تعريف المفاهيم الكبرى التي جُرّدت من معناها عبر العقود: الدولة، السيادة، التمثيل، القانون، الطائفة، المركز، الأطراف، الإعلام، الوعي، النهضة.
  • يُؤسّس لنظرية سورية خالصة للنهضة، لا مستعارة ولا مقلّدة، بل مستنبطة من التجربة السورية المركّبة.
  • يرسم بنية جديدة للدولة القادمة، دولة التعدد والعدالة والسيادة، لا دولة الغلبة أو الوراثة أو الإلحاق.
  • يفتح الباب لأول مرة لتخيل عقد وطني جامع، قابل للحياة والتطبيق، مبني على الفهم لا على التنازل، وعلى الحقوق لا على المحاصصة.

هذا المشروع هو جسر بين النظرية والتطبيق، بين ما يجب أن يكون، وما يمكن أن يكون.

وهو ليس مشروع نُخبة مغلقة، ولا سلطة طامحة، بل وثيقة نداء وطني، تدعو كل سوري حرّ، أيا كان موقعه، لأن يشارك في إعادة الكتابة.

ولأن النظرية وحدها لا تكفي،
ولأن الواقع لا ينتظر المفكرين،

فقد حرصنا على أن تُختَتم هذه الوثيقة بمجموعة ملاحق كبرى، تُشكّل امتدادًا عمليًا لها، وتجعل منها مشروعًا قابلًا للتنفيذ المباشر، حين تتوفر الإرادة السيادية الجمعية.

وتشمل هذه الملاحق:

  • ملاحق تشريعية ودستورية: ترسم ملامح البنية القانونية للدولة السيادية الجديدة، من الإعلان الدستوري إلى العقود المؤقتة والضمانات القانونية الانتقالية.
  • ملاحق تنظيمية وإدارية: تؤسس لهندسة الدولة، اللامركزية التشاركية، العلاقة بين السلطات، وهيكل مؤسسات الحكم.
  • ملاحق استراتيجية وطنية: في العلاقات الخارجية، السيادة الاقتصادية، إدارة الموارد، وإعادة بناء مؤسسات الدفاع والتعليم والعدالة.
  • ملاحق قطاعية تنفيذية: تضع خططًا واضحة في مجالات الصحة، التعليم، الزراعة، الطاقة، إعادة الإعمار، التنمية البشرية، والإعلام السيادي.
  • ملاحق اجتماعية ومجتمعية: تتناول إدارة التنوع السوري، المصالحة الوطنية، بناء العقد الاجتماعي الجديد، وتأمين التمثيل العادل لكل المكونات.
  • ملاحق فلسفية وتفسيرية مرجعية: توضح المنطلقات الفكرية التي بُني عليها المشروع، وتجعل من فصوله أدوات تفكير، لا قواعد مغلقة.
  • ملاحق إجرائية لتفعيل المبادرة: تتضمن آليات عملية لفتح النقاش الوطني، تنظيم المؤتمرات التأسيسية، إشراك الباحثين، وخلق شبكات دعم لتنزيل المشروع في الواقع.

إن مشروع النهضة هذا، بما يحمله من رؤية شاملة وأدوات تنفيذية، لا يمكن اختزاله في كونه “نصًا”.

بل هو منظومة تأسيسية متكاملة، تنتظر من يجرؤ على قراءتها بوعي، والنقاش حولها بصدق، والتفكير من خلالها بمستقبل يليق بهذا الوطن، وهذه الجراح، وهذه الإمكانيات المنهوبة.

إنه دعوة مفتوحة، لا للانخراط في السلطة،
بل في كتابة التاريخ من موقع الذات، لا الظل،
من منطق المعرفة، لا من منطق القوة أو الرعاية أو المكرمات.

وإذ يوشك هذا المشروع على الاكتمال،
فإنني أضعه ـــ قريبًا ـــ بين أيدي كل من يرى في سوريا أكثر من جغرافيا،
بل رسالة لم تكتمل… ووعد لم يُفَعل… ونهضة لم تبدأ بعد.

فلتكن هذه الوثيقة بداية لولادة ثانية

ليس لدولة فقط، بل لفكرة الوطن كما لم نعرفه من قبل.