web analytics
القسم الثالث – الباب الرابع

الباب الرابع الاقتصاد الوطني ومفاتيح النهوض

مقدمة تأسيسية:

لا تُبنى دولة حرة بأيدي جائعة، ولا يُحمى عقد اجتماعي في ظل الجوع والعوز، ولا يُستعاد الشعور بالكرامة حين يتحوّل المواطن إلى متسوّل في وطنه، أو مهاجر في أرض غيره.

ولهذا، فإن الاقتصاد ليس مجرد ملف تنموي في مشروع النهضة، بل هو الركيزة المادية لسيادة الدولة، والضامن اليومي لحرية المواطن، والمحرّك العملي لترجمة قيم النهضة إلى واقع ملموس.

في سوريا، كان الاقتصاد على الدوام أداة من أدوات السلطة، لا وسيلة خدمة للمجتمع:

  • ريعيًّا، زبائنيًّا، قائمًا على الامتيازات لا الكفاءة،
  • خاضعًا لأجهزة الأمن والولاء لا للقانون،
  • متكئًا على الاستيراد والديون بدل الإنتاج،
  • مثقلًا بالفساد المنهجي، ومُستنزفًا بالحرب والميليشيات.

ثم جاءت الحرب، ففتّتت الاقتصاد إلى “اقتصاديات مناطق”، و”أسواق نفوذ”، و”أنظمة تمويل موازية”، وتحوّلت الدولة إلى واجهة لـ”اقتصاد ظل” متشعّب، يختطف الموارد، ويُقايض بالمعونات، ويمنع أي نهضة حقيقية.

من الاقتصاد السلطوي إلى الاقتصاد السيادي

التحوّل المنشود لا يقتصر على ترميم ما تهدّم، بل يتطلب:

  • إعادة بناء النموذج الاقتصادي من الجذور،
  • على أساس الإنتاج لا الريع،
  • الكفاءة لا الولاء،
  • التوزيع العادل لا الاحتكار،
  • التمكين لا الاستتباع،
  • والاستقلالية لا التبعية.

فالاقتصاد في مشروع النهضة هو رافعة للسيادة، وضامن للمواطنة، وشبكة أمان اجتماعي، ومحرك للعدالة والاستقرار.

محاور هذا الباب:

في هذا الباب، سنناقش كيف يمكن لسوريا ما بعد الاستبداد أن تؤسس لاقتصاد وطني جديد، عبر فصول تشمل:

  1. تحرير الاقتصاد من قبضة السلطة والفساد
  2. إعادة الإعمار كفرصة لبناء اقتصاد إنتاجي جديد
  3. التنمية المتوازنة والمجتمعات المحرومة
  4. التخطيط الاقتصادي والسيادة المالية
  5. العدالة الاجتماعية والتمكين الاقتصادي للمواطن

سنخوض في المفاصل الهيكلية، ونكشف المعضلات، ونطرح البدائل، لأننا نؤمن أن:

لا قيمة لأي دستور لا يطعم الناس، ولا معنى لأي حرية لا تسندها لقمة العيش.

القسم الثالث - الباب الرابع: الاقتصاد الوطني ومفاتيح النهوض