web analytics
القسم التاسع – الباب الثاني

الباب الثاني المصالحة الوطنية وإعادة الاندماج المجتمعي

من الجراح إلى البناء المشترك

مقدمة

لا تُبنى الدول من فوق، بل من العلاقة بين ناسها، من شعورهم بأنهم ينتمون إلى مصير واحد، مهما اختلفت مساراتهم وتجاربهم وأوجاعهم.

وحين تتمزق هذه العلاقة، وينهار الشعور بالمصير المشترك، تصبح الدولة مجرّد إدارة هشّة فوق فراغ مجتمعي، لا مشروعًا وطنيًا جامعًا.

في سوريا، لم تكن الحرب مجرد انهيار سياسي، بل كانت انفجارًا لمجتمع لم يُمنح يومًا فرصة حقيقية لبناء عقد داخلي متوازن.
كانت الطائفية كامنة، والتمييز مؤسسيًا، والإقصاء منهجيًا، والانفصال الرمزي بين المكوّنات يتغذى على سياسات القهر والإنكار.

ومع الانفجار، طفت الجراح إلى السطح:
– ضحايا دون اعتراف،
– مناطق مقصاة دون دمج،
– لاجئون دون أفق للعودة،
– ومجتمعات مفككة دون مشروع لمداواة الألم.

من هنا، لا يكون الحديث عن “المصالحة الوطنية” مجاملة خطابية أو دعوة عاطفية، بل خيارًا سياسيًا سياديًا، يؤسس لشرعية الدولة الجديدة بوصفها كيانًا حاضنًا لكل السوريين، لا ممثلًا عن أحدهم في وجه الآخر.

ولذلك، فإن هذا الباب لا يعالج فقط مفهوم “العدالة الانتقالية” بوصفه أداة قانونية، بل يتناول مسألة إعادة بناء العقد الاجتماعي على أرضية الاعتراف، والكرامة، والاندماج، والإنصاف.

إنه بابٌ نحو الترميم المجتمعي، لا بالنسيان، بل بالحقيقة والمواجهة والعمل التشاركي.

 

القسم التاسع - فصول الباب الثاني: المصالحة الوطنية وإعادة الاندماج المجتمعي