القسم الحادي عشر – الباب الثالث
الباب الثالث الأمن القومي واستراتيجيات الحماية
مقدمة
إذا كان التمكين السياسي شرطًا لبناء السيادة، فإن حماية هذه السيادة تتطلب إعادة تعريف منظومة الأمن القومي، بعد أن تم تحطيمها أو تحريفها طويلًا في سوريا.
لقد اختُزل الأمن لعقود في “أمن النظام”، وتحوّل إلى جهاز قمعي لا يحمي المجتمع، بل يراقبه ويكتمه ويُخضعه.
وفي المقابل، تراجعت منظومات الحماية الوطنية الفعلية: الردع الاستراتيجي، الأمن المجتمعي، الحماية السيادية، إدارة التهديدات الناعمة، وبناء الوعي الدفاعي.
في هذا الباب، لا نعيد إنتاج “دولة أمنية”، بل نبني دولة سيادية محصّنة، تمتلك أدوات الردع لا أدوات الإذلال، وتحمي الداخل من الفوضى والاختراق، وتحمي القرار من التشظي أو الابتزاز، وتعيد تعريف الأمن بوصفه عقدًا بين الدولة والمجتمع، لا سيفًا مرفوعًا فوقه.
ستُطرح هنا رؤية شاملة للأمن القومي الجديد، بما يشمل:
منظومة ردع شاملة دون عدوانية،
توازنات القوة السيادية داخليًا وخارجيًا،
تحويل الجهاز الأمني من أداة سلطة إلى وظيفة حماية،
بناء الثقة المجتمعية،
وتحصين الوعي الوطني في وجه الحروب الرمزية والمعنوية.
إنها ليست مسألة تقنية، بل رؤية وجودية لأمن الدولة والمجتمع والمصير.
