القسم الثالث- الباب الثالث
مقدمة الباب الثالث الأمن القومي واستراتيجيات الحماية
مقدمة تأسيسية
حين تُذكر “الدولة” في المخيال السوري، غالبًا ما يقفز إلى الذهن جهاز الأمن، لا القانون؛ الضابط، لا القاضي؛ الحصار، لا الحماية.
لقد نجح النظام السوري في احتكار مفهوم الأمن وتحويله إلى أداة قمع وترويض، حتى غابت الفروق بين “أمن الدولة” و”أمن السلطة” و”أمن المواطن”.
ولذلك، فإن استعادة الأمن كقيمة في الدولة السورية الجديدة لا تعني إعادة إنتاج القبضة الحديدية، بل تعني نزع الأمن من الأجهزة المستبدة، وإعادته إلى مجاله الطبيعي كـوظيفة وطنية–مدنية–قانونية، تحمي الجميع لا تُرهب أحدًا.
وفي سوريا ما بعد الحرب، يُطرح الأمن ليس فقط كحاجة لحماية الأفراد، بل كضرورة وجودية لحماية الدولة نفسها من:
- الانهيار الداخلي،
- التهديدات الخارجية،
- التفكك المجتمعي،
- الميليشيات،
- الغلبة،
- والفراغ القانوني.
فالأمن في مشروع النهضة لا يُفهم كقمع، بل كـمنظومة توازن بين الحماية، والمحاسبة، والوقاية، والعدالة.
محاور هذا الباب:
في هذا الباب، سنُعيد تعريف الأمن من جديد، ونعالج الأسئلة الكبرى:
- كيف نؤسس لأمن يحمي الدولة والمجتمع لا النظام؟
- كيف نبني مؤسسات أمنية وظيفتها خدمة الناس، لا مراقبتهم؟
- كيف نواجه التطرف دون ظلم، والجريمة دون استبداد؟
- كيف نُعيد ضبط السلاح، ونُنهي منطق القوة الفوق–قانونية؟
- وكيف نصوغ استراتيجية أمن قومي تحفظ السيادة لا تُفرّط بها؟
لهذا، سينقسم هذا الباب إلى خمسة فصول:
- الأمن كوظيفة اجتماعية لا كأداة تسلطية
- العدالة الوقائية – تحصين المجتمع من التطرف
- الأمن المجتمعي والدفاع المحلي
- نزع الطابع الميليشياوي عن الدولة
- حماية العقد الوطني من التهديدات الداخلية والخارجية
إن هذا الباب ليس تفصيلًا إداريًا، بل جزء جوهري من مشروع الدولة الأخلاقية، لأن الدولة التي تخاف من مواطنيها، أو تُرعبهم باسم الأمن، ليست دولة… بل استعمار داخلي.
الباب الثالث: الأمن القومي واستراتيجيات الحماية
القسم الثالث - من المشروع إلى الدولة