web analytics
القسم السادس عشر – الباب الأول

الباب الأول إعلان الدولة

من النص إلى السيادة

مقدمة الباب

حين تبلغ الأمم لحظة النهوض من ركامها، فإن أول ما تفعله ليس بناء الجدران، بل إعلان المعنى.
وفي مشروع النهضة السورية، لم يكن تأسيس الدولة مسألة مؤسساتية فقط، بل كان لحظة وعي سيادي، تُعيد تعريف الوجود السياسي، وتقطع مع الحقبة التي حوّلت الوطن إلى حظيرة، والشعب إلى صدى، والسيادة إلى شعار.

إن هذا الباب لا يتعامل مع “الدولة” بوصفها مجرد جهاز حكم، بل بوصفها أعلى تجلٍ للعقد الوطني والأخلاقي بين الإنسان ومجتمعه، وبوصفها نقطة الارتكاز التي تتحوّل فيها المبادئ إلى نظام، والميثاق إلى إطار إلزامي، والنهضة إلى صيغة حُكم متكاملة.

في هذا السياق، لا يُعلَن قيام الدولة كردّ فعل على سقوط النظام فقط، بل بوصفه تتويجًا لمسارٍ متكامل من التدرّج الوطني، تأسّس على الميثاق، وتبلور عبر رؤية مؤسسية شاملة، ناضجة، وسيادية.

فقيام الدولة هنا ليس لحظة احتفالية، بل لحظة تحوّل استراتيجي يُعيد بناء كل مفاهيم السياسة، والسيادة، والحكم، والتمثيل، على قاعدة جديدة: الإنسان أولًا، والمجتمع شريكًا، والمعنى فوق القوة.

ويتضمن هذا الباب الإعلان الرسمي عن الدولة السورية الجديدة ككيان سيادي مكتمل الأساس، وتحديد بنيتها الدستورية الانتقالية، ومعايير الاعتراف الداخلي والخارجي بها، والخطاب الذي تُقدِّم به نفسها للعالم، ليس بوصفها دولة تحكم، بل بوصفها دولة تُجسِّد ما حلم به السوريون طيلة قرن من القهر والتجزئة والخراب.

ففي هذا الباب، ننتقل من التنظير إلى الإعلان، ومن التأسيس إلى الإشهار، ومن الوثيقة إلى الدولة.
هنا، يُعلن الشعب: لقد عدنا.
ليس كضحية، ولا كصدى، بل كصاحب شرعية ومعنى ومستقبل.