web analytics
خاتمة القسم الرابع عشر

خاتمة القسم الرابع عشر من الدولة الفاعلة إلى الدولة القابلة للمساءلة

لا تكتمل النهضة إلا حين تُبنى دولة لا تكتفي بالفعل، بل تراجع هذا الفعل باستمرار، وتحاسبه، وتعدّله إن انحرف، وتُخضع نفسها لضمير جمعي أعلى من السلطة. ولهذا، لم يكن هذا القسم مجرد إضافة إجرائية، بل هو صمّام الأمان الأخلاقي والسيادي للمشروع كله.

لقد خرج هذا القسم من منطق “الدولة المنجزة” إلى منطق “الدولة المتقوّمة بذاتها”، أي تلك القادرة على مراقبة أعضائها، على مراجعة مساراتها، على تصحيح نكساتها، دون الحاجة لثورة جديدة أو صدمة خارجية. إنه انتقال من السلطة المطلقة إلى السلطة القابلة للتقويم.

وعبر أبوابه الأربعة وفصوله الستة عشر، تم تأسيس بنية وطنية متكاملة للتقييم، والمساءلة، والتحسين المستمر، تشمل المؤسسات، المجتمع، الدستور، الإعلام، وحتى الوعي العام. لا شيء خارج المساءلة، ولا أحد فوق النقد. ومن هذا المنطلق، يصبح المواطن شريكًا دائمًا، لا ناخبًا موسميًا.

لقد عالج هذا القسم المخاوف المزمنة من إعادة إنتاج الاستبداد، وسدّ الثغرات التي يتسلّل منها الفساد، وكسر الحلقة المفرغة التي جعلت الدولة في سوريا تُخضع الناس باسم الإنجاز، ثم تتهرّب من الحساب باسم السيادة.

كما قدّم مفاهيم جديدة مثل التقييم الشعبي التشاركي، والرقابة العابرة للولايات، والمراجعة الأخلاقية، كأدوات حيوية لتجديد العقد الوطني بشكل دائم، لا فقط عبر النصوص، بل عبر نبض الناس وصوتهم ومعاناتهم.

وهكذا، يُصبح القسم الرابع عشر هو مرآة النهضة أمام ذاتها، والضامن ألا تتحول الدولة إلى غاية، ولا السيادة إلى ذريعة، ولا النجاح إلى حصانة ضد النقد.

إنه فصل العقل المتأمل، والضمير الحارس، والتواضع السياسي أمام الشعب، والمصالحة بين الدولة والمجتمع.

وبه تُغلق دورة البناء، وتُفتح دورة الاستمرار