Page 12 - The Syrian Renaissance and Post-Despotism State-Building Project
P. 12

‫‪ ‬وإعادة بناء الإنسان القادر لا فقط على التفكير‪ ،‬بل على الفعل والاختيار والتغيير‪.‬‬

                                                         ‫لذلك فإننا لا نفصل في هذا المشروع بين الوعي والفعل‪.‬‬

                                                               ‫‪ ‬فالفعل بًل وعي هو إعادة إنتاج للكارثة‪،‬‬

                                                                  ‫‪ ‬والوعي بًل فعل هو تجميد للطاقات‪.‬‬
                                                                   ‫أما القدرة‪ ،‬فهي الجسر بين الاثنين‪:‬‬
                                          ‫القدرة هي الوعي الذي صار ممكناا‪ ،‬والفعل الذي صار واع ايا‪.‬‬
‫كل مشروع نهضة لا يُنتج معرفة‪ ،‬ولا يُفعّل الوعي‪ ،‬ولا يصنع قدرة مجتمعية شاملة‪ ،‬هو مشروع ه ّش‪ ،‬قابل لًلنهيار‬

                                                                                              ‫عند أول صدمة‪.‬‬

                                                             ‫وهذا ما شهدته سوريا مرا ًرا في تاريخها المعاصر‪:‬‬
                                                   ‫‪ ‬مشاريع أيديولوجية انطلقت من التصور لا من الفهم‪،‬‬

                                                      ‫‪ ‬وخطط اقتصادية لم تُب َن على قراءة حقيقية للبيئة‪،‬‬

                                                   ‫‪ ‬وتجارب سياسية عاشت في النص وماتت في الواقع‪،‬‬
                                     ‫لأنها لم تطرح سؤال المعرفة‪ ،‬ولا سؤال الوعي‪ ،‬ولا سؤال القدرة‪.‬‬

                                                       ‫إننا نؤمن بأن النهضة‪ ،‬حين تُختزل في شعارات‪ ،‬تُجهض‪.‬‬
                                                                          ‫وحين تُؤ َّسس على وعي زائف‪ ،‬تُقمع‪.‬‬

                            ‫وحين تُعطى للمجتمع كمنحة‪ ،‬لا كتح ّو ٍل نابعٍ منه‪ ،‬فإنها تصبح عبئًا عليه لا طوق نجاته‪.‬‬
‫لهذا‪ ،‬فإن هذه الدراسة لا تسعى فقط إلى وضع خطة أو تصور‪ ،‬بل تسعى إلى إنتاج معرفة نهضوية خالصة‪ ،‬سورية‬
‫الجذور‪ ،‬واقعية الأدوات‪ ،‬إنسانية المنطلق‪ ،‬عميقة في فهمها لما ُيعيق ويُم ّكن‪ ،‬ما يُد ّمر وما يُبني‪ ،‬ما يُخ ّدر وما يُح ّرر‪.‬‬

                                 ‫‪ .8‬النهضة كفعل سيادي‪ :‬استعادة المعنى لا فقط استعادة الدولة‬

‫من أكثر ما ش ّوه مفهوم النهضة في الوعي السوري هو اختزالها في استعادة الدولة بصيغتها الشكلية ‪:‬المؤسسات‪،‬‬
                                                                                 ‫الإدارة‪ ،‬القوانين‪ ،‬النظام العام‪.‬‬

                                                                    ‫لكن الدولة‪ ،‬حين تفقد المعنى‪ ،‬لا تعود دولة؛‬
                                                   ‫والمؤسسات‪ ،‬حين تتحول إلى أدوات تسلّط‪ ،‬لا تصنع مجتمعًا؛‬

                                                              ‫والقانون‪ ،‬حين يُستخدم كقناع للقهر‪ ،‬لا يبني عدالة‪.‬‬
‫لهذا‪ ،‬فإن النهضة التي نطرحها لا تُقاس بقدرة النظام على بسط سلطته على الجغرافيا‪ ،‬بل بقدرته على استعادة المعنى‬

                                                                                   ‫الغائب عن مفهوم السيادة‪.‬‬

                             ‫فالسيادة‪ ،‬كما نراها‪ ،‬ليست رفع العلم‪ ،‬ولا ضبط الحدود‪ ،‬ولا إنشاء الوزارات؛ بل هي‪:‬‬

                                                            ‫‪ ‬أن يُستعاد صوت الإنسان في القرار العام‪،‬‬
                                                       ‫‪ ‬أن تُعاد سيطرة المجتمع على موارده ومصيره‪،‬‬

                                      ‫‪ ‬أن تُف ّكك البُنى التي احتكرت الوطن لحساب فئة أو مركز أو جهاز‪،‬‬
                                                            ‫‪ ‬أن تعود السياسة شأناا عا اما‪ ،‬لا شأ انا أمنياا‪،‬‬

                     ‫‪ ‬وأن تتحرر الدولة من منطق "الأبوية السلطوية" إلى منطق "العقد الاجتماعي الحر‪".‬‬

‫‪12 | P a g e‬‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17